لعاطس: رحمك الله، بطلت بخلاف: رحمه الله، بالهاء. ولو تكلم بنظم القرآن قاصدًا التفهيم: كيا يحيى خذ الكتاب، مفهمًا به من يستأذن في أخذ شيء أن يأخذه، إن قصد معه القراءة لم تبطل، فإن قصد التفهيم فقط بطلت. وإن لم يقصد شيئًا ففي التحقيق الجزم بالبطلان.
وقوله: إن كنا لنتكلم، حكمه حكم المرفوع. وكذا قوله: أمرنا، لقوله فيه: على عهد النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حتى ولو لم يقيد بذلك لكان ذكر نزول الآية كافيًا في كونه مرفوعًا.
ورواة هذا الحديث الستة كوفيون إلا شيخ المؤلّف فرازي، وفيه، التحديث والأخبار والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في: التفسير، وأخرجه مسلم في: الصلاة، وكذا أبو داود، وأخرجه الترمذي فيها وفي: التفسير.
(باب ما يجوز من التسبيح والحمد في) أثناء (الصلاة للرجال) إذا نابهم فيها شيء، كتنبيه إمام على سهو، وإذن لمستاذن في الدخول، وإنذار أعمى أن يقع في بئر ونحوها. وقيد بالرجل ليخرج النساء.
وأتى بالحمد بعد التسبيح تنبيهًا على أن الحمد يقوم مقام التسبيح، لأن الغرض التنبيه على عروض أمر لا مجرد التسبيح والتحميد.
1201 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصْلِحُ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ أَبَا بَكْرٍ -رضي الله عنهما- فَقَالَ: حُبِسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَؤُمُّ النَّاسَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنْ شِئْتُمْ. فَأَقَامَ بِلاَلٌ الصَّلاَةَ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- فَصَلَّى، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ -قَالَ سَهْلٌ: هَلْ تَدْرُونَ مَا التَّصْفِيحُ؟ هُوَ التَّصْفِيقُ- وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- لاَ يَلْتَفِتُ فِي صَلاَتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا الْتَفَتَ، فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الصَّفِّ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ: مَكَانَكَ. فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ، وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم، واللام، ابن قعنب، قال: (حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم) بالمهملة والزاي، واسمه سلمة (عن أبيه) سلمة بن دينار (عن سهل) بفتح
المهملة وإسكان الهاء (رضي الله عنه) زاد الأصلي، والهروي: ابن سعد، بسكون العين (قال):
(خرج النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،) حال كونه (يصلح بين بني عمرو بن عوف) بسكون الميم، زاد الأصيلي والهروي أيضًا: ابن الحرث (وحانت الصلاة) أي: حضرت (فجاء بلال) المؤذن (أبا بكر) الصدّيق (رضي الله عنهما، فقال: حبس النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي: تأخر في بني عمرو (فتؤم الناس) بحذف همزة الاستفهام (قال) أبو بكر: (نعم) أؤمهم (إن شئتم) فيه: أنه لا يؤم جماعة إلا برضاهم، وإن كان أفضلهم.
(فأقام بلال الصلاة، فتقدم أبو بكر رضي الله عنه فصلّى) أي: فشرع في الصلاة بالناس (فجاء النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من بني عمرو، حال كونه (يمشي في الصفوف) حال كونه (يشقها شقًّا، حتى قام في الصف الأول، فأخذ الناس بالتصفيح) بالموحدة والحاء المهملة، ولابن عساكر: "فى التصفيح" وهو مأخوذ من صفحتي الكف وضرب إحداهما على الأخرى.
(قال سهل) أي: ابن سعد المذكور، ولأبوي ذر والوقت، مما صح عند اليونيني: فقال سهل (هل تدرون ما التصفيح؟) أي: تفسيره (هو التصفيق) بالقاف بدل الحاء. وهذا يؤيد قول الخطابي، وأبي علي القالي، والجوهري، وغيرهم: إنهما المعنى واحد.
وفي الإكمال، للقاضي عياض حكاية قول: إنه بالحاء الضرب بظاهر إحدى اليدين على الأخرى، وبالقاف بباطنها على باطن الأخرى، فبطل دعوى ابن حزم نفي الخلاف في أنهما: بمعنى واحد.
وقيل: بالحاء الضرب بأصبعين للإنذار والتنبيه، وبالقاف بجميعها للهو واللعب.
(وكان أبو بكر، رضي الله عنه، لا يلتفت في صلاته، فلما أكثروا) من التصفيح (التفت فإذا النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في الصف، فأشار) عليه السلام (إليه) رضي الله عنه: (مكانك) أي: الزمه ولا تتغير عما أنت فيه. (فرفع أبو بكر) رضي الله عنه (يديه) بالتثنية للدعاء (فحمد الله) تعالى، حيث رفع الرسول عليه الصلاة والسلام مرتبته بتفويض الإمامة إليه (ثم رجع القهقرى وراءه، وتقدم) بالواو، ولابن عساكر: فتقدم (النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فصلّى) بالناس.
فإن قلت: ما وجه مطابقة الحديث للترجمة، فإنه ذكر فيها لفظ التسبيح، وليس هو فيه؟
أجيب: من حيث أنه ذكر هذا الحديث بتمامه في باب: من دخل ليؤم الناس، فجاء الإمام الأول، لأن فيه قوله عليه الصلاة والسلام: "من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء". فاكتفي به، لأن الحديث واحد.
ولا يقال: علم التسبيح من الحمد بالقياس عليه، لأنا نقول: حمد أبي بكر إنما كان على تأهيل الرسول له للإمامة، كما مر.
وقد صرح بذلك، في رواية باب: من دخل ليؤم الناس، ولفظه: فحمد الله على ما أمره به رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من ذلك.
فإن قلت: