السابق فيعرب إعرابه (يأتي مسجد قباء، فإنه كان يأتيه كل سبت. فإذا دخل المسجد كره أن يخرج منه حتى يصلّي فيه) ابتغاء الثواب.
روى النسائي حديث سهل بن حنيف مرفوعًا: "من خرج حتى يأتي قباء فيصلّي فيه، كان له عدل عمرة".
وعند الترمذي، من حديث أسيد بن حضير، رفعه: "الصلاة في مسجد قباء كعمرة".
وعند ابن أبي شيبة، في أخبار المدينة بإسناد صحيح، عن سعد بن أبي وقاص قال: لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين، أحب إلي من أن آتي بيت المقدس مرتين، لو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكباد الإبل.
وفيه: فضل مسجد قباء والصلاة فيه، لكن لم يثبت فيه تضعيف كالمساجد الثلاثة.
(قال) نافع (وكان) ابن عمر (يحدث: أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يزوره) أي مسجد قباء، أي: يوم السبت. كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى في الباب اللاحق، حال كونه (راكبًا وماشيًا).
1192 - قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ "إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يَصْنَعُونَ، وَلاَ أَمْنَعُ أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَىِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَتَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا".
(قال وكان) أي: ابن عمر، ولأبي ذر" وماشيًا". وكان (يقول) أي: لنافع (إنما أصنع كما رأيت أصحاب يصنعون، ولا أمنع أحدًا أن يصلّي) بفتح الهمزة أي: لا أمنع أحدًا الصلاة، وللهروي والأصيلي. وأبي الوقت: إن صلّى بكسر الهمزة، وفي نسخة: أن يصلّي (في أي ساعة شاء من ليل أو نهار، غير أن لا تتحروا) أي: لا تقصدوا (طلوع الشمس ولا غروبها) فتصلوا في وقتيهما.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين: بصري ومدني وكوفي، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في: الصلاة، ومسلم في: الحج وأبو داود.
(باب من أتى مسجد قباء كل سبت).
1193 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ -رضي الله عنهما- يَفْعَلُهُ".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (موسى بن إسماعيل) المنقري، بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف، التبوذكي بفتح المثناة الفوقية وضم الموحدة وفتح المعجمة (قال: حدّثنا عبد العزيز بن مسلم) القسملي بفتح القاف وسكون المهملة مخففًا، البصري (عن عبد الله بن دينار) العدوي المدني، مولى ابن عمر (عن ابن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما، قال):
(كان النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يأتي مسجد قباء كل سبت) حال كونه (ماشيًا) تارة (وراكعًا) أخرى.
وأطلق في السابقة إتيانه عليه الصلاة والسلام مسجد قباء من غير تقييد بيوم، وقيده هنا، فيحمل المطلق على هذا المقيد، لأنه قيد في السابقة في الموقوف، بخلاف المرفوع. وخص السبت لأجل مواصلته لأهل قباء وتفقد حال من تأخر منهم عن حضور الجمعة معه في مسجده بالمدينة.
(وكان عبد الله) بن عمر (رضي الله عنه) وللأصيلي والهروي: وكان ابن عمر رضي الله عنهما (يفعله) أي الإتيان يوم السبت كما مر.
(باب إتيان مسجد قباء راكبًا وماشيًا).
1194 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْتِي قُبَاءً رَاكِبًا وَمَاشِيًا" زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ "حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ".
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال حدّثنا يحيى) زاد الأصيلي: ابن سعيد، أي: القطان (عن عبيد الله) بالتصغير، ابن عمر العمري (قال: حدّثني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما قال):
(كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأتي قباء) وللهروي، والأصيلي، وابن عساكر: مسجد قباء (راكبًا) تارة (وماشيًا) أخرى بحسب ما يتيسر. والواو، بمعنى: أو.
واستدلّ به ابن حبيب، من المالكية، كما نقله العيني: على أن المدني إذا نذر الصلاة في مسجد قباء لزمه ذلك، وحكاه عن ابن عباس.
(زاد ابن نمير) بضم النون وفتح الميم، عبد الله، مما وصله مسلم، وأبو يعلى: فقال: (حدّثنا عبيد الله) بالتصغير (عن نافع) أي عن ابن عمر.
(فيصلّي فيه) أي: في مسجد قباء (ركعتين) ادعى الطحاوي أن هذه الزيادة مدرجة قالها أحد الرواة من عنده، لعلمه أنه عليه السلام كان من عادته أنه لا يجلس حتى يصلّي.
واستدلّ به على أن صلاة النهار. كصلاة الليل، ركعتين.
وعورض بحديث سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أبيه، عن جدّه رفعه، "من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم غدا إلى مسجد قباء، لا يريد غيره، ولا يحمله على الغدوّ إلا الصلاة في مسجد قباء، فصلّى فيه أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة بأم القرآن، كان له أجر المعتمر إلى بيت الله". رواه الطبراني، لكن فيه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وهو ضعيف.
ولما ذكر المؤلّف