الضحى عشرًا لم يكتب لك ذلك اليوم ذنب، وإن صليتها اثنتي عشرة ركعة، بنى الله لك بيتًا في الجنة، رواه البيهقي، وقال: في إسناده نظر، وضعفه في شرح المهذّب، وقال فيه: أكثرها عند الأكثرين ثمانية. وقال في الروضة: أفضلها ثمان، وأكثرها ثنتا عشرة، ففرق بين الأكثر والأفضل.
واستشكل من جهة كونه إذا زاد أربعًا يكون مفضولاً. وينقص من أجره.
والأفضل المداومة عليها لحديث أبي هريرة في الأوسط: إن في الجنة بابًا يقال له: باب الضحى، فإذا كان يوم القيامة، نادى منادٍ، أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى؟ هذا بابكم فادخلوا برحمة الله.
وعن عقبة بن عامر قال: أمرنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نصلي الضحى بسورتيها: {والشَّمْسِ وَضُحَاهَا} و {الضُّحَى}.
ثم إن وقتها، فيما جزم به الرافعي، من ارتفاع الشمس إلى الاستواء. وفي شرح المهذّب والتحقيق: إلى الزوال وفي الروضة، قال: أصحابنا: وقت الضحى من طلوع الشمس. ويستحب تأخيرها إلى ارتفاعها.
(باب من لم يصل) صلاة (الضحى، ورآه) أي: الترك (واسعًا) مباحًا، نصب مفعول ثانٍ: لرأى.
1177 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى، وَإِنِّي لأُسَبِّحُهَا".
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس (قال: حدّثنا) وللأصيلي: أخبرنا (ابن أبي ذئب) عبد الرحمن (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة، رضي الله عنها، قالت:
(ما رأيت رسول الله) ولأبي ذر، والأصيلي: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، سبح سبحة الضحى) بفتح السين في الأولى، وضمها في الثانية، أي: ما صلّى صلاتها.
وأصلها من التسبيح، وخصت النافلة بذلك لأن التسبيح الذي في الفريضة نافلة. فقيل لصلاة النافلة: سبحة، لأنها كالتسبيح في الفريضة.
(وإني لأسبحها) بضم الهمزة وكسر الموحدة المشددة، وعدم رؤيتها لا يستلزم عدم الوقوع، لا سيما وقد روى إثبات فعلها، وأمره بها جماعة من الصحابة أنس، وأبو هريرة، وأبو ذر، وأبو أمامة، وعقبة بن عبد السلمي وابن أبي أوفى، وأبو سعيد، وزيد بن أرقم، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وجبير بن مطعم، وحذيفة بن اليمان، وابن عمر، وأبو موسى، وعتبان بن مالك، وعقبة بن عامر، وعليّ بن أبي طالب، ومعاذ بن أنس، والنواس بن سمعان، وأبو بكرة، وأبو مرة الطائفي، وغيرهم. والإثبات مقدم على النفي أو: المنفي المداومة عليها، وقولها: وإني لأسبحها، أي: أداوم عليها. وأما قولها في حديث مسلم: كان عليه الصلاة والسلام يصلّيها أربعًا، ويزيد ما شاء الله، فمحمول على أنه كان يفعل ذلك، بإخباره عليه الصلاة والسلام لها أو إخبار غيره، فروته. وأما قولها عند مسلم أيضًا، لما سألها عبد الله بن شقيق: هل كان عليه الصلاة والسلام يصلّيها؟ لا. إلا أن يجيء من مغيبه، فالنفي مقيد بغير المجيء من مغيبه.
قاله عتبانُ بنُ مالكٍ عنِ النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
(باب صلاة الضحى في الحضر، قاله عتبان بن مالك) الأنصاري (عن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مما وصله أحمد بلفظ: إنه عليه الصلاة والسلام صلّى في بيته سبحة الضحى، فقاموا وراءه، وصلوا بصلاته.
1178 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ هُوَ ابْنُ فَرُّوخَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ". [الحديث 1178 - طرفه في: 1981].
وبه قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الأزدي القصاب (قال: أخبرنا) وللأصيلي، وأبي ذر: حدّثنا (شعبة) بن الحجاج (قال: حدّثنا عباس) بفتح العين المهملة وتشديد الموحدة (الجريري) بضم الجيم وفتح الراء، نسبة إلى جرير بن عباد، بضم العين وتخفيف الموحدة (هو ابن فرّوخ) بفتح الفاء وضم الراء المشددة آخره خاء معجمة، وذلك ساقط عند أبوي ذر، والوقت، والأصيلي (عن أبي عثمان النهدي) بفتح النون وسكون الهاء (عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال):
(أوصاني خليلي)، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي تخللت محبته قلبي فصار في خلاله، أي: في باطنه.
وقوله هذا لا يعارضه قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لو كنت متخذًا خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر"، لأن الممتنع أن يتخذ هو، عليه الصلاة والسلام، غيره تعالى خليلاً، لا أن غيره يتخذه هو.
(بثلاث لا أدعهن) بضم العين، أي: لا أتركهن (حتى) أي: إلى أن (أموت: صوم ثلاثة أيام) البيض (من كل شهر) لتمرين النفس على نجس الصيام، ليدخل في واجبه بانشراح، ويثاب ثواب صوم الدهر بانضمام ذلك لصوم رمضان، إذ الحسنة بعشر أمثالها.
وصوم بالجر بدل من: ثلاث، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هي صوم. وصلاة ونوم التاليان معطوفان عليه، فيجران، أو يرفعان.