ورواية الإسماعيلي تعين هذا الثاني، ويرجحه أيضًا أنه: لو كان المراد من قوله: القيام الأول: أول قيام من الأولى فقط لكان القيام الثاني والثالث مسكوتًا عن مقدارهما، فالأول أكثر فائدة. قاله في فتح الباري.
وفي رواية أبي ذر، والأصيلي، وابن عساكر، كما في فرع اليونينية، وعزاها في فتح الباري لرواية الإسماعيلي الأولى: فالأولى بضم الهمزة فيهما، أي: الركعة الأولى أطول من الثانية.
ووقع في رواية المستملي، باب: صب المرأة على رأسها الماء إذا أطال الإمام القيام في الركعة الأولى. بدل قوله: الركعة الأولى في الكسوف أطول الثابت في رواية الكشميهني، والحموي، والظاهر: أن المصنف ترجم لها، وأخلى بياضًا ليذكر لها حديثًا كعادته، فلم يتفق، فضم بعضهم الكتابة بعضها إلى بعض، فوقع الخلط.
ووقع في رواية أبي علي بن شبويه، عن الفربري: أنه ذكر باب صب المرأة أوّلاً. وقال في الحاشية: ليس فيه حديث، ثم ذكر باب: الركعة الأولى أطول، وأورد فيه حديث عائشة هذا.
وكذا في مستخرج الإسماعيلي: قال الحافظ ابن حجر: فعلى هذا فالذي وقع من صنيع شيوخ أبي ذر، من اقتصار بعضهم على إحدى الترجمين ليس بجيد، أما من اقتصر على الأولى: وهو المستملي، فخطأ محض، إذ لا تعلق لها بحديث عائشة. وأما الآخران فمن حيث أنهما حذفا الترجمة أصلاً، وكأنهما استشكلاها فحذفاها. وكذا حذفت من رواية كريمة أيضًا عن الكشميهني. وكذا من رواية الأكثر.
(باب الجهر بالقراءة في) صلاة (الكسوف) بالكاف.
1065 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ نَمِرٍ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها:- "جَهَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ كَبَّرَ فَرَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. ثُمَّ يُعَاوِدُ الْقِرَاءَةَ فِي صَلاَةِ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن مهران) بكسر الميم، الجمال، بالجيم، الرازي (قال: حدّثنا الوليد) القرشي الأموي الدمشقي، ولأبي ذر، والأصيلي: ابن مسلم (قال: أخبرنا) ولأبي ذر، والأصيلي: حدّثنا (ابن نمر) بفتح النون وكسر الميم، عبد الرحمن الدمشقي، وثقه دحيم الذهلي وابن البرقي، وضعفه ابن معين لأنه لم يرو عنه غير الوليد، وليس له في الصحيحين غير هذا الحديث. وقد تابعه عليه الأوزاعي وغيره أنه (سمع ابن شهاب) الزهري (عن عروة) بن الزبير بن العوام (عن عائشة رضي الله عنها) أنها قالت:
(جهر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في صلاة الخسوف) بالخاء (بقراءته).
حمل الشافعية والمالكية وأبو حنيفة وجمهور الفقهاء هذا الإطلاق على صلاة خسوف القمر لا الشمس، لأنها نهارية، بخلاف الأولى، فإنها ليلية: وتعقب بأن الإسماعيلي روى حديث الباب من وجه آخر عن الوليد، بلفظ كسفت الشمس في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ... فذكر الحديث.
واحتج الإمام الشافعي بقول ابن عباس: قرأ نحوًا من قراءة سورة البقرة، لأنه لو جهر لم يحتج إلى التقدير.
وعورض باحتمال أن يكون بعيدًا منه.
وأجيب: بأن الإمام الشافعي ذكر تعليقًا عن ابن عباس: أنه صلّى بجنب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الكسوف، فلم يسمع منه حرفًا، ووصله البيهقي من ثلاثة طرق أسانيدها واهية.
وأجيب: على تقدير صحتها بأن مثبت الجهر معه قدر زائد فالأخذ به أولى، وإن ثبت التعدد فيكون عليه الصلاة والسلام فعل ذلك لبيان الجواز.
قال ابن العربي: والجهر عندي أولى لأنها صلاة جامعة ينادى لها ويخطب، فأشبهت العيد، والاستسقاء.
وقال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأحمد بن حنبل: يجهر فيها، وتمسكوا بهذا الحديث (فإذا فرغ من قراءته، كبر فركع، وإذا رفع) رأسه (من الركعة قال):
(سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد) بالواو (ثم يعاود القراءة في صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات) بنصب أربع عطفًا على أربع السابق.
1066 - وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: "أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَبَعَثَ مُنَادِيًا بِالصَّلاَةُ جَامِعَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ". قَالَ الوَلِيد وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ مِثْلَهُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقُلْتُ مَا صَنَعَ أَخُوكَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَا صَلَّى إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ إِذْ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: أَجَلْ، إِنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ. تَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْجَهْرِ.
(وقال الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمر وهو معطوف على قوله: حدّثنا ابن نمر لأنه مقول الوليد (وغيره) أي: وقال غير الأوزاعي أيضًا (سمعت) ابن شهاب (الزهري) فيما وصله مسلم عن محمد بن مهران، عن الوليد بن مسلم، حدّثنا الأوزاعي عن الزهري (عن عروة) بن الزبير بن العوام (عن عائشة، رضي الله عنها):
(أن الشمس خسفت) بفتح الخاء المعجمة والسين (على عهد رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فبعث مناديًا) يقول: (الصلاة جامعة) كذا للكشميهني، أي: أحضروا الصلاة حال كونها جامعة. وروي برفعهما: مبتدأ وخبر.