آخره نون، ابن عبد الرحمن التميمي البصري، سكن الكوفة (عن يحيى) بن أبي كثير اليمامي (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن عبد الله بن عمرو) وهو ابن العاص، وللكشميهني: عمر، بضم العين أي ابن الخطاب، قال الحافظ ابن حجر: وهو وهم (أنه قال):

(لما كسفت الشمس) بالكاف المفتوحة (على عهد رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي زمنه (نودي) بضم النون مبنيًّا للمفعول: (إن الصلاة جامعة) بالرفع، خبر إن، والصلاة اسمها، ولأبي الوقت: أن الصلاة، بفتح الهمزة وتخفيف النون، ورفع الصلاة وجامعة. وقد مر مزيد لذلك قريبًا (فركع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ركعتين في سجدة) أي في ركعة، وقد يعبر بالسجود عن الركعة من باب إطلاق الجزء على الكل (ثم قام) من السجود (فركع ركعتين في سجدة) أي: في ركعة كذلك (ثم جلس، ثم جلي عن الشمس)

بضم الجيم وتشديد اللام المكسورة مبنيًا للمفعول، من التجلية أي: كشف عنها بين جلوسه في التشهد والسلام، ولأبي ذر في نسخة: ثم جلس حتى جلي، أي: إلى أن جلي عنها.

(قال) أبو سلمة، أو: عبد الله بن عمرو: (وقالت عائشة رضي الله عنها: ما سجدت سجودًا قط كان أطول منها) عبرت بالسجود عن الصلاة كلها.

كأنها قالت: ما صليت صلاة قط أطول منها، غير أنها أعادت الضمير المستكن في كان على السجود اعتبارًا بلفظه، وهو مذكر، وأعادت ضمير منها عليه اعتبارًا بمعناه إذ هو مؤنث، أو يكون قولها: منها، على حذف مضاف، أي: من سجودها. قاله في المصابيح.

ولا يقال هذا لا يدل على تطويل السجود لاحتمال أن يراد بالسجدة الركعة، كما مر، لأن الأصل الحقيقة، وإنما حملنا لفظ السجدة فيما مر أوّلاً على الركعة للقرينة الصارفة عن إرادة الحقيقة، إذ لا يتصوّر ركعتان في سجدة وهاهنا لا ضرورة في الصرف عنها، قاله الكرماني.

واختلف في استحباب إطالة السجود في الكسوف، وصحح الرافعي عدم إطالته كسائر الصلوات، وعليه جمهور أصحاب الشافعي.

وصحح النووي التطويل، وقال: إنه المختار. بل الصواب؛ وعليه المحققون من أصحابنا للأحاديث الصحيحة الصريحة، وقد نص عليه الشافعي في مواضع قال: وعليه فالمختار ما قاله البغوي: إن السجدة الأولى كالركوع الأوّل، والثانية كالثاني. وهو مشهور مذهب المالكية.

9 - باب صَلاَةِ الْكُسُوفِ جَمَاعَةً

وَصَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ فِي صُفَّةِ زَمْزَمَ. وَجَمَعَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ.

(باب) مشروعية (صلاة الكسوف جماعة).

(وصلّى ابن عباس) رضي الله عنهما (بهم) بالقوم، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: وصلّى لهم ابن عباس (في صفة زمزم) وصله الإمام الأعظم الشافعي، وسعيد بن منصور، بلفظ: كسفت الشمس، فصلّى ابن عباس في صفة زمزم ست ركعات في أربع سجدات.

(وجمع) بتشديد الميم، وفي اليونينية؛ بالتخفيف (علي بن عبد الله بن عباس) التابعي، المدعوّ بالسجاد، لأنه كان يسجد كل يوم ألف سجدة، وهو جد الخلفاء العباسيين. ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب، فسمي باسمه، أي: جمع الناس لصلاة الكسوف.

(وصلى ابن عمر) بن الخطاب صلاة الكسوف بالناس، وهذا وصله ابن أبي شيبة بمعناه، ومراد المؤلّف بذلك كله الاستشهاد على مشروعية الجماعة في صلاة الكسوف.

1052 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَعْكَعْتَ. قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا وَلَوْ أَصَبْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا. وَأُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ. وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ. قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ. قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ".

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار) بمثناة تحتية، وسين مهملة مخففة (عن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما (قال انخسفت الشمس) بنون بعد ألف الوصل ثم خاء، (على عهد رسول الله) أي: زمنه، ولأبي ذر، في نسخة، والأصيلي، وأبي الوقت: على عهد النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فصلّى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي: بل الجماعة ليدل على الترجمة (فقام قيامًا طويلاً نحوًا من قراءة سورة البقرة) وهو يدل على أن القراءة كانت سرًا، ولذا قالت عائشة، كما في بعض الطرق عنها: فحزرت قراءته، فرأيت أنه قرأ سورة البقرة.

وأما قول بعضهم: إن ابن عباس كان صغيرًا، فمقامه آخر الصفوف، فلم يسمع القراءة، فحزر المدة. فمعارض بأن في بعض طرقه: قمت إلى جانب النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فما سمعت منه حرفًا.

ذكره أبو عمر.

(ثم ركع ركوعًا طويلاً) نحوًا من مائة آية (ثم رفع) من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015