المسلمين فيكون من باب القلب لأن المحتبس المطر لا الناس، أو يقال: إذا كان محتبسًا عنهم، فهم محبوسون عنه.
وحكى الفراء قحط بالكسر، وللأصيلي، وأبي ذر: قحطوا، بضم القاف وكسر الحاء مبنيًّا للمفعول. وقد سمع قحط القوم.
وسؤال مصدر مضاف لفاعله، والإمام مفعوله، وتاليه نصب على نزع الخافض، أي: عن الاستسقاء. يقال: سألته الشيء، وعن الشيء.
1008 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ أَبِي طَالِبٍ:
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ
[الحديث 1008 - طرفه في: 1009].
وبالسند قال: (حدّثنا عمرو بن علي) بإسكان الميم، ابن بحر الباهلي البصري الصيرفي (قال: حدّثنا أبو قتيبة) بضم القاف وفتح التاء الفوقية، سلم، بفتح السين وسكون اللام، الخراساني البصري (قال: حدّثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه) عبد الله (قال:)
(سمعت ابن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما (يتمثل بشعر أبي طالب) أي: ينشده. زاد ابن عساكر فقال.
(وأبيض) أعربه ابن هشام في مغنيه مجرورًا بالفتحة، برب: مضمرة.
وتعقبه البدر الدماميني في حاشيته عليه، ومصابيحه، فقال في آخرهما: وليس كذلك، وفي أوّلهما: والظاهر أنه منصوب عطفًا على: سيدًا المنصوب في البيت قبله، وهو قوله:
وما ترك قوم لا أبا لك سيدًا ... يحوط الذمارِ غير ذرب مواكل
قال: وهو من عطف الصفات التي موصوفها واحد، ويجوز الرفع، وهو في اليونينية أيضًا: خبر مبتدأ محذوف. هو أبيض (يستسقى الغمام) بضم المثناة التحتية وفتح القاف، مبنيًا للمفعول: أي يستسقي الناس الغمام (بوجهه) الكريم (ثمال اليتامى) أي: بإفضاله، أو يطعمهم عند الشدة، أو عمادهم، أو ملجؤهم، أو مغيثهم. وهو بكسر المثلثة والنصب أو الرفع، صفة لأبيض، كقوله (عصمة) أي: مانع (للأرامل) يمنعهم مما يضرهم.
وفي غير اليونينية: ثمال وعصمة، بالجر فيهما مع الوجهين الآخرين، صفة لأبيض على تقدير جره برب، وفيه ما مر. والأرامل: جمع أرملة، وهي الفقيرة التي لا زوج لها، والأرمل: الرجل الذي لا زوج له. قال:
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر؟
نعم، استعماله في الرجل مجاز لأنه لو أوصى للأرامل خص النساء دون الرجال.
واستشكل إدخال هذا الحديث في هذه الترجمة، إذ ليس فيه أن أحدًا سأله أن يستسقي بهم.
وأجاب ابن رشيد: باحتمال أن يكون أراد بالترجمة الاستدلال بطريق الأولى، لأنهم إذا كانوا يسألون الله به فيسقيهم، فأحرى أن يقدموه للسؤال. اهـ.
قال في الفتح وهو حسن.
1009 - وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ: "رُبَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّاعِرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَسْقِي، فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ".
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالَ الْيَتَامَى عِصْمَةً لِلأَرَامِلِ
وَهْوَ قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ.
(وقال عمر بن حمزة) بضم العين وفتح الميم في الأول، وبالحاء المهملة والزاي في الثاني، ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، مما وصله أحمد وابن ماجة قال: (حدّثنا) عمي (سالم، عن أبيه) عبد الله بن عمر، قال:
(ربما ذكرت قول الشاعر -وأنا أنظر-) جملة حالية (إلى وجه النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، حال كونه (يستسقي) زاد ابن ماجة: على المنبر (فما ينزل) عنه (حتى يجيش كل ميزاب) بفتح المثناة التحتية وكسر الجيم، من يجيش، وآخره شين معجمة من: جاش يجيش إذا هاج، وهو كناية عن كثرة المطر.
والميزاب ما يسيل منه الماء من موضع عال، ولأبي ذر، والأصيلي عن الحموي، والكشميهني: لك ميزاب، بتقديم اللام على الكاف. قال الحافظ ابن حجر: وهو تصحيف.
(وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وهو قول أبي طالب).
ومطابقة هذا التعليق للترجمة من قوله: يستسقي، ولم يكن استسقاؤه عليه الصلاة والسلام إلا عن سؤال.
والظاهر أن طريق ابن عمر الأولى مختصرة من هذه المعلقة المصرحة بمباشرته عليه الصلاة والسلام للاستسقاء بنفسه الشريفة.
وأصرح من ذلك رواية البيهقي في دلائله، عن أنس، قال، جاء أعرابي إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: يا رسول الله، أتيناك وما لنا بعير يئط، ولا صبي يغط. فقام عليه الصلاة والسلام يجر رداءه.
حتى صعد المنبر، فقال: "اللهم أسقنا .. الحديث" وفيه، ثم قال، عليه الصلاة والسلام: "لو كان أبو طالب حيًا لقرّت عيناه". من ينشدنا قوله؟ فقام عليّ فقال: يا رسول الله! كأنك أردت قوله: