النبوي.
والعامل في إذا، معنى المفاجأة، أي فاجأنا مكان المنبر زمان الإتيان، أو: الخبر مقدّر، أي: هناك. فيكون بناه حالاً. وإنما اختص كثير ببناء المنبر بالمصلّى لأن داره كانت في قبلتها.
(فإذا مروان يريد أن يرتقيه) أي: يريد صعود المنبر، فأن مصدرية (قبل أن يصلّي) قال أبو سعيد: (فجبدت بثوبه) ليبدأ بالصلاة قبل الخطبة على العادة ولأبي ذر عن المستملي: فجبذته بثوبه (فجبذني فارتفع) على المنبر (فخطب قبل الصلاة، فقلت له) ولأصحابه: (غيرتم والله) سُنّة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخلفائه، لأنهم كانوا يقدّمون الصلاة على الخطبة، فحمله أبو سعيد على التعيين.
(فقال) مروان: يا (أبا سعيد، قد ذهب ما تعلم) قال أبو سعيد: (فقلت: ما أعلم) أي الذي أعلمه (والله خير) ولأبي ذر في نسخة: خير والله (مما لا أعلم) أي لأن الذي أعلمه طريق الرسول وخلفائه، والقسم معترض بين المبتدأ والخبر.
(فقال) مروان معتذرًا عن ترك الأولى: (إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها) أي الخطبة (قبل الصلاة) فرأى أن المحافظة على أصل السُّنَّة، وهو استماع الخطبة، أولى من المحافظة على هيئة فيها ليست من شرطها.
ومذهب الشافعية: لو خطب قبلها لم يعتدّ بها، وأساء.
وأما ما فعل مروان بن الحكم من تقديم الخطبة، فقد أنكره عليه أبو سعيد كما ترى.
ورواد هذا الحديث كلهم مدنيون.
(باب المشي والركوب إلى) صلاة (العيد، و) باب تقديم (الصلاة قبل الخطبة، و) باب صلاته (بغير أذان) عند صعود الإمام المنبر، ولا عند غيره (ولا إقامة) عند نزوله ولا عند غيره.
وسقط في غير رواية أبي ذر، وابن عساكر: والصلاة قبل الخطبة.
957 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمْرَانَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي فِي الأَضْحَى وَالْفِطْرِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلاَةِ". [الحديث 957 - طرفه في: 963].
وبالسند قال: (حدّثنا إبراهيم بن المنذر) الحزامي، بكسر الحاء المهملة وبالزاي المخففة (قال: حدّثنا أنس) ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي، وابن عساكر: أنس بن عياض (عن عبيد الله) بالتصغير، ابن عمر بن حفص بن عاصم ابن عمر، العمري المدني (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما، وسقط: عبد الله، لابن عساكر: (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يصلّي في) عيد (الأضحى و) عيد (الفطر) ولأبي ذر: في الفطر والأضحى (ثم يخطب بعد الصلاة) صرّح بتقديم الصلاة، فهو مطابق للجزء الثاني من الترجمة.
وقد اختلف في أول من غير هذا، فقدم الخطبة على الصلاة. وحديث مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي سعيد صريح أنه مروان. وقيل: معاوية، رواه عبد الرزاق. وقيل: زياد. والظاهر أن مروان وزيادًا فعلا ذلك تبعًا لمعاوية، لأن كلاًّ منهما كان عاملاً له.
وقيل: بل سبقه إليه عثمان لأنه رأى ناسًا لم يدركوا الصلاة فصار يقدّم الخطبة. رواه ابن المنذر بإسناد صحيح إلى الحسن البصري، وهذه العلة غير التي اعتلّ بها مروان لأنه راعى مصلحتهم في استماع الخطبة.
لكن قيل: إنهم كانوا في زمنه يتعمدون ترك سماع خطبته لما فيها من سبّ مَن لا يستحق السبّ، والإفراط في مدح بعض الناس، فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه. وأما عثمان فراعى
مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة. على أنه يحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك أحيانًا، بخلاف مروان فواظب على ذلك، فنسب إليه.
وقيل: عمر بن الخطاب، رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة بإسناد صحيح، لكن يعارضه حديث ابن عباس المذكور في الباب الذي بعده. وكذا حديث ابن عمر. فإن جمع بوقوع ذلك نادرًا، وإلاّ فما في الصحيحين أصح. أشار إليه في الفتح.
وقد تقدم قريبًا في آخر الباب السابق، أنه. لا يعتدّ بالخطبة إذا تقدمت على الصلاة. فهو كالسُّنّة الراتبة، بعد الفريضة إذا قدّمها عليها. فلو لم يعد الخطبة لم تلزمه إعادة ولا كفّارة.
وقال المالكية. إن كان قريبًا أمر بالإعادة وإن بَعُدَ فات التدارك. وهذا بخلاف الجمعة، إذ لا تصح إلا بتقديم الخطبة، لأن خطبتها شرط لصحتها، وشأن الشرط أن يقدّم.
ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون، وشيخ المؤلّف من أفراده، وفيه التحديث والعنعنة والقول.
958 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ". [الحديث 958 - طرفاه في: 961، 978].
وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد التميمي الرازي الصغير (قال: أخبرنا) ولابن عساكر: