ذر، والوقت، والأصيلي: عن محمد بن سيرين (عن أنس) هو: ابن مالك رضي الله عنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(من ذبح) أضحيته (قبل الصلاة) أي: صلاة العيد (فليعد) أضحيته، لأن الذبح للضحية لا يصح قبلها.

واستدلّ بأمره عليه الصلاة والسلام بإعادة التضحية لأبي حنيفة، رحمه الله، على وجوبها، لأنها لو لم تكن واجبة لما أمر بإعادتها عند وقوعها في غير محلها.

(فقام رجل) هو: أبو بردة بن نيار (فقال: هذا يوم يشتهى فيه اللحم) أطلق اليوم في الترجمة كما هنا، وبذلك يحتمل أن تقع المطابقة بينهما (وذكر من جيرانه) بكسر الجيم، جمع جار، فقرأ وحاجة (فكأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صدّقه) فيما قال عن جيرانه، (قال: وعندي جذعة) أي من المعز، بفتح الجيم والذال المعجمة والعين المهملة، التي طعنت في الثانية، هي (أحب إليّ من شاتي لحم) لطيب

لحمها وسمنها، وكثرة ثمنها، (فرخص له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال أنس: (فلا أدري أبلغت الرخصة) في

تضحية الجذعة (من سواه) أي: الرجل، فيكون الحكم عامًّا لجميع المكلفين (أم لا) فيكون خاصًّا به.

وهذه المسألة وقع للأصوليين فيها خلاف، وهو أن خطاب الشرع للواحد هل يختص به أو يعمّ.

والثاني: قول الحنابلة، والظاهر أن أنسًا لم يبلغه قوله عليه الصلاة والسلام، المروي في مسلم، لا تذبحوا إلا مسنّة.

وحديث أنس هذا رواه المؤلّف أيضًا في الأضاحي والعيد، ومسلم في الذبائح، والنسائي في الصلاة والأضاحي، وأخرجه ابن ماجة في الأضاحي أيضًا.

955 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "خَطَبَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَلاَ نُسُكَ لَهُ». فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ خَالُ الْبَرَاءِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي نَسَكْتُ شَاتِي قَبْلَ الصَّلاَةِ وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي، فَذَبَحْتُ شَاتِي وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلاَةَ. قَالَ: «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ». قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هِيَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ شَاتَيْنِ أَفَتَجْزِي عَنِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» ".

وبه قال: (حدّثنا عثمان) بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي أخو أبي بكر بن أبي شيبة (قال: حدّثنا جرير) بفتح الجيم، ابن عبد الحميد الضبي الرازي (عن منصور) هو: ابن المعتمر الكوفي (عن الشعبي) بفتح المعجمة، عامر بن شراحيل، (عن البراء بن عازب) رضي الله عنهما (قال: خطبنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم) عيد (الأضحى بعد الصلاة) أي: صلاة العيد (فقال):

(من صلى صلاتنا، ونسك) بفتح النون والسين (نسكًا) بضم النون والسين ونصب الكاف، أي: ضحى مثل ضحيتنا (فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فإنه) أي: النسك (قبل الصلاة).

استشكل اتحاد الشرط والجزاء.

وأجيب: بأن المراد لازمه، فهو كقوله: فهجرته إلى ما هاجر إليه. أي: غير صحيحة، أو غير مقبولة، فالمراد به هنا التحقير، والمراد به هنا عدم الاعتداد بما قبل الصلاة، إذ هو المقرر في النفوس، وحينئذ فيكون قوله:

(ولا نسك له) كالتوضيح والبيان له.

وقال في الفتح: فإنه قبل الصلاة لا يجزئ ولا نسك له. قال: وفي رواية النسفيّ: فإنه قبل الصلاة لا نسك له، بحذف الواو، وهو أوجه.

(فقال أبو بردة) بضم الموحدة وإسكان الراء، هانئ، بالنون والهمزة (بن نيار) بكسر النون وتخفيف المثناة التحتية وبعد الألف راء، البلوي المدني (خال البراء) بن عازب (يا رسول الله، فإني نسكت شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل) بفتح الهمزة (وشرب) بضم المعجمة.

وجوز الزركشي، في تعليق العمدة، فتحها كما قيل له في أيام منى: أيام أكل وشرب.

وتعقبه في المصابيح: بأنه ليس محل قياس، وإنما المعتمد فيه الرواية.

(وأحببت أن تكون شاتي أول شاة تذبح في بيتي) بنصب: أول، خبر تكون. وبالرفع: اسمها، فتكون شاتي خبرها مقدّمًا، وفي رواية: أول ما يذبح، ولأبوي ذر، والوقت: أول تذبح، بدون الإضافة، بفتح أول لأنه مضاف إلى الجملة، فيكون مبنيًّا على الفتح، أو منصوبًا خبرًا لتكون، كذا قال الكرماني وفيه نظر ظاهر.

ويجوز الضم: كقبل وغيره من الظروف المقطوعة عن الإضافة.

(فذبحت شاتي وتغديت) بالغين المعجمة من الغداء (قبل أن آتي الصلاة، قال) عليه الصلاة والسلام له: (شاتك شاة لحم) أي: فليست أضحية ولا ثواب فيها، بل هي على عادة الذبح للأكل المجرد من القربة، فاستفيد من إضافتها إلى اللحم نفي الإجزاء.

(قال) أي: أبو بردة، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: فقال: (يا رسول الله، فإن عندنا عناقًا) بفتح العين (لنا جذعة) صفتان لعناقًا المنصوب بأن الذي هو: أنثى ولد المعز (هي أحب إليّ) لسمنها، وطيب لحمها، وكثرة قيمتها (من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015