منتصبًا، أو عقب رفعه من السجود (مكان الطائفة التي لم تصل) أي: فقاموا في مكانهم في وجه العدو (فجاؤوا) أي: الطائفة الأخرى التي كانت تحرس، وهو عليه الصلاة والسلام قائم في الثانية، وهو عليه الصلاة والسلام قارئ منتظر لها، (فرع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهم ركعة، وسجد سجدتين، ثم سلم) عليه الصلاة والسلام (فقام كل واحد منهم، فركع لنفسه ركعة، وسجد سجدتين) ويأتي في المغازي، إن شاء الله تعالى، ما يدل على أنها كانت العصر.
وظاهر قوله: فقام كل واحد منهم ... إلخ. أنهم أتموا في حالة واحدة. ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب، وهو الراجح من حيث المعنى، والاً فيستلزم تضييع الحراسة المطلوبة وهذه الصورة اختارها الحنفية.
واختار الشافعية في كيفيتها: أن الإمام ينتظر الطائفة الثانية ليسلم بها، كما في حديث صالح بن خوّات، المروي في مسلم، عمن شهد مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة الخوف يوم ذات الرقاع: أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو فصلّى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا، فصلّوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلّى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسًا فأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم: بالطائفة الثانية بعد التشهد.
قال مالك: هذا أحسن ما سمعت في صلاة الخوف، وهو دليل المالكية، غير قوله: ثم ثبت جالسًا.
وإنما اختار الشافعية هذه الكيفية لسلامتها من كثرة المخالفة، ولأنها أحوط لأمر الحرب، فإنها أخف على الفريقين.
ويكره كون الفرقة المصلية معه، والتي في وجه العدو أقل من ثلاثة، لقوله تعالى: {وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائهم} مع قوله: {ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك
وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم} فذكروهم بلفظ الجمع. وأقله ثلاثة: فأقل الطائفة هنا ثلاثة، وهذا النوع بكيفيتيه حيث يكون العدوّ في غير القبلة، أو فيها لكن حال دونهم حائل يمنع رؤيتهم لو هجموا.
ويجوز للإمام أن يصلّي مرتين، كل مرة بفرقة، فتكون الثانية نافلة. وهذه صلاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ببطن نخل، رواها الشيخان، لكن الأولى أفضل من هذه لأنها أعدل بين الطائفتين، ولسلامتها عمّا في هذه من اقتداء المفترض بالمتنفل المختلف فيه.
وتتأتى في تلك الصلاة الجمعة، بشرط أن يخطب بجميعهم، ثم يفرقهم فرقتين، أو يخطب ثم يجعل منها مع كل من الفرقتين أربعين: فلو خطب بفرقة وصلّى بأخرى لم يجز، وكذا لو نقصت الثانية فطريقان، أصحهما: ألا يضرّ للحاجة والمسامحة في صلاة الخوف. ذكره في المجموع وغيره.
وأما إن كانوا في جهة القبلة، فيأتي قريبًا في باب: يحرس بعضهم بعضًا، إن شاء الله تعالى.
فإن كانت الصلاة رباعية، وهم في الحضر، أو في السفر وأتموا صلّى بكل من الفرقتين ركعتين، وتشهد بهما. وانتظر الثانية في جلوس التشهد، أو قيام الثالثة، وهو أفضل. لأنه محل التطويل، بخلاف جلوس التشهد الأول.
وإن كانت مغربًا، فيصلّي بفرقة ركعتين، وبالثانية ركعة، وهو أفضل من عكسه، لسلامته من التطويل في عكسه بزيادة تشهد في أول الثانية، وينتظر الثانية في الركعة الثالثة، أي: في القيام لها.
وهذا كله إذا لم يشتد الخوف. أما إذا اشتد فيأتي حكمه في الباب التالي إن شاء الله تعالى.
ورواة هذا الحديث الأربعة: حمصيان ومدنيان، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسؤال والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في المغازي، ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي.
(باب صلاة الخوف) حال كون المصلين (رجالاً وركبانًا) عند الاختلاط وشدّة الخوف، فلا تسقط الصلاة عند العجز عن نزول الدابة، بل يصلون ركبانًا فرادى يومؤون بالركوع والسجود إلى أي جهة شاؤوا.
(راجل: قائم) يريد أن قوله في الترجمة: رجالاً، جمع: راجل، لا جمع: رجل، والمراد به هنا القائم. وسقط: راجل: قائم. عند أبي ذر، وثبت ذلك في رواية أبي الهيثم، والحموي، وأبي الوقت.
943 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ إِذَا اخْتَلَطُوا قِيَامًا. وَزَادَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُصَلُّوا قِيَامًا وَرُكْبَانًا».
وبالسند قال: (حدّثنا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي) البغدادي (قال: حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (أبي) يحيى المذكور (قال: حدّثنا ابن جريج) عبد الملك بن