أفاده في الفتح هذا الحديث، في ذكر بني إسرائيل من وجه آخر، عن وهيب بهذا الإسناد دون قوله: فسكت إلخ ....
ثم قال ويؤكد كونه مرفوعًا رواية مجاهد عن طاوس المقتصرة على الحديث الثاني، وهذه النكتة أورده بعده فقال.
898 - رَوَاهُ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَقٌّ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا».
(رواه) أي الحديث المذكور (أبان بن صالح) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة، مما وصله البيهقي، من طريق سعيد بن أبي هلال، عن أبان، (عن مجاهد، عن طاوس، عن أبي هريرة قال: قال النبي) وللأصيلي: قال رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لله تعالى على كل مسلم) محتلم (حق أن يغتسل في كل سبعة أيام يومًا) هو يوم الجمعة إذا حضرها.
والصارف لذلك عن الوجوب حديث مسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فدانا" ... (?).
وحديث الترمذي: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت"، كما مر.
ورواة الحديث الأوّل ما بين بصري ويماني، وفيه رواية الابن عن الأب، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في ذكر بني إسرائيل، ومسلم في الجمعة، وكذا النسائي.
899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِدِ».
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا شبابة) بفتح الشين المعجمة وموحدتين مخففتين بينهما ألف، الفزاري المدايني قال: (حدّثنا ورقاء) بفتح الواو وسكون الراء وبالقاف ممدودًا، ابن عمرو المدايني (عن عمرو بن دينار، عن مجاهد) هو ابن جبر (عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما، (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد) قيّد الإذن بالليل لكون الفساق في شغل بفسقهم أو نومهم، بخلاف النهار، فإنهم ينتشرون فيه، فلا يخرجن فيه، والجمعة نهارية.
فمفهومه: يخرج الجمعة في حق النساء، فلا يخرجن إليها، ومن لم يشهدها فليس عليه غسل.
وقال الإسماعيلي: أورد حديث مجاهد عن ابن عمرو، وأراد بذلك أن الإذن إنما وقع لهنّ بالخروج إلى المساجد بالليل، فلا تدخل الجمعة. اهـ.
وقرره البرماوي، كالكرماني: بأنه إذا أذن لهنّ بالخروج إلى المساجد بالليل، فالنهار أولى أن يخرجن فيه، لأن الليل مظنة الريبة، تقديمًا لمفهوم الموافقة على المخالفة، بل هو مفهوم لا يعمل به أصلاً على الراجح. أي: فلهن شهودها.
900 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلاَةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ. فَقِيلَ لَهَا: لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ؟ قَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي؟ قَالَ: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ".
وبه قال: (حدّثنا يوسف بن موسى) بن راشد بن بلاد، القطان الكوفي، المتوفى ببغداد سنة اثنتين وخمسين ومائتين، قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الليثي، قال: (حدّثنا) ولابن عساكر: أخبرنا (عبيد الله بن عمر) بتصغير العبد، ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني (عن نافع)، ولابن عساكر: أخبرنا نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب (قال: كانت امرأة لعمر) هي: عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، أخت سعد، أحد العشرة المبشّرة، وكانت تخرج إلى المسجد. فلما خطبها عمر شرطت عليه أن لا يمنعها من المسجد، فأجابها على كره منه، فكانت (تشهد) أي تحضر (صلاة الصبح، و) صلاة (العشاء في الجماعة في المسجد، فقيل لها) أي: لامرأة عمر: (لم تخرجين، و) الحال أن (قد تعلمين أن عمر يكره ذلك) الخروج، وكاف، ذلك مكسورة، لأن الخطاب لمؤنثة (ويغار)؟ كيخاف: من الغيرة.
والقائل لها ذلك كله عمر نفسه، كما عند عبد الرزاق وأحمد، ولا مانع أن يعبر عن نفسه بقوله: إن عمر إلخ ... فهو من باب التجريد، وحينئذٍ فيكون الحديث من مسند عمر؟ وذكره المزي في الأطراف في مسند ابن عمر.
(قالت: وما) بالواو، وللأربعة: فما (يمنعه أن ينهاني)؟ أن مصدرية في محل رفع على الفاعلية، والتقدير: فما يمنعه أن ينهاني، أي بنهيه إياي؟.
(قال: يمنعه قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) أي بالليل، حملاً لهذا المطلق على المقيد السابق به، والجمعة تخرج عنه لأنها نهارية، فحينئذٍ لا يشهدنها، ومن لم يشهدها لا غسل عليه.
وقرره البرماوي كالكرماني بأن قوله: "لا تمنعوا"، يشمل الليل والنهار، فما سبق في الحديث من ذكر الليل، من ذكر فرد من العام، فلا يخصص على الأصح في الأصول كحديث: "دباغها طهورها"، في شاة ميمونة، مع حديث: "أيما إهاب دبغ فقد طهر".
قال: وأما مطابقة الحديث للترجمة فلما فيه من أن النساء لهن شهود الجمعة، قال: وأيضًا قد تقرر أن شاهد الجمعة يغتسل، فشملها طلب غسل الجمعة، فدخلت في الترجمة.