الصغير للطبراني، من حديث علي: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سجد في صلاة الصبح في {تنزيل} السجدة، لكن في إسناد ضعف. وزاد الأصيلي {حين من الدهر}.
والحكمة في قراءتهما، الإشارة إلى ما فيهما من ذكر خلق آدم وأحوال يوم القيامة، لأن ذلك كان ويكون في يوم الجمعة، والتعبير: بكان يُشعِر بمواظبته عليه الصلاة والسلام على القراءة بهما
فيها، وعورض بأنه ليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائمًا اقتضاء قومًا، وأكثر العلماء على أن: كان لا تقتضي الداومة.
وأجيب: بأنه ورد في حديث ابن مسعود التصريح بمداومته عليه الصلاة والسلام على ذلك؛ أخرجه الطبراني بلفظ: -"يديم ذلك"، وأصله في ابن ماجة بدون هذه الزيادة، ورجاله ثقات، لكن صوّب أبو حاتم إرساله.
وبالجملة فالزيادة نص في ذلك، فدلّ على السنية، وبه أخذ الكوفيون، والشافعي، وأحمد وإسحاق، وقال به أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين.
وكره مالك رحمه الله في المدوّنة للإمام أن يقرأ بسورة فيها سجدة خوف التخليط على المصلين، ومن ثم فرق بعضهم بين الجهرية والسرية، لأن الجهرية يؤمن معها التخليط.
وأجيب: بأنه صح من حديث ابن عمر عند أبي داود أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قرأ بسورة فيها سجدة في صلاة الظهر، فسجد بهم، فبطلت التفرقة. وعلله بعض أصحابه بأن سجدات الصلاة محصورة، فزيادة سجدة خلاف التحديد.
قال القرطبي: وهو تعليل فاسد بشهادة هذا الحديث. وقيل: تجوز قراءتها في صلاة الجهر لهذا الحديث، ورواه ابن وهب.
وقال أشهب: إذا قلت الجماعة قرأها وإلا فلا، وقيل: العلة خشية اعتقاد العامي وجوبها، وحينئذٍ فتترك أحيانًا لتندفع الشبهة، وبمثله قال صاحب المحيط من الحنفية.
وهل يقرأ سورة فيها سجدة غير {الم} منع منه ابن عبد السلام، وقال: إنه مبطل للصلاة.
وقال النووي رحمه الله في زيادات الروضة: لم أر فيه كلامًا لأصحابنا، وقياس مذهبنا أنه يكره في الصلاة إذا قصده. اهـ.
ومقتضاه عدم البطلان. وفي المهمات، مقتضى كلام القاضي الحسين: الجواز، وفي فوائد المهذّب للفارقيّ: لا تستحب قراءة سجدة غير {تنزيل} فإن ضاق الوقت عن قراءتها قرأ بما أمكن منها، ولو بآية السجدة منها، ووافقه ابن أبي عصرون في كتاب الانتصار. اهـ.
وعند ابن أبي شيبة، بإسناد قوي عن إبراهيم النخعي، أنه قال: يستحب أن يقرأ في صبح الجمعة بسورة فيها سجدة. قال: وسألت محمد بن سيرين عنه فقال: لا أعلم به بأسًا.
ورواة حديث الباب ما بين كوفي ومدني، وفيه رواية التابعي عن التابعي، والتحديث، والعنعنة، وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة في الصلاة.
(باب) حكم الصلاة (الجمعة في القرى) والقرية: واحدة القرى، كل مكان اتصلت فيه الأبنية واتخذ قرارًا، ويقع ذلك على المدن وغيرها، والأمصار المدن الكبار، واحدها مصر، والكفور القرى الخارجة عن المصر، وأحدها كفر. بفتح الكاف (والمدن) بضم الميم وسكون الدال، جمع مدينة. وقد تضم الدال. وللأصيلي: والمدائن، بفتح الميم والدال، جمع مدينة أيضًا، قال أبو علي الفسوي: بالهمزة إن كان من: مدن، وبتركه إن كان من: دين أي ملك.
892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ -بَعْدَ جُمُعَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-- فِي مَسْجِدِ عَبْدِ الْقَيْسِ بِجُوَاثَى مِنَ الْبَحْرَيْنِ". [الحديث 892 - طرفه في: 4371].
وبالسند قال: (حدّثنا) بالجمع، ولأبي الوقت ونسخة لأبي ذر: حدّثني (محمد بن المثنى) العنزي البصري (قال: حدّثنا أبو عامر) عبد الملك بن عمر (العقدي) بفتح العين المهملة والقاف، نسبة إلى العقد، قوم من قيس (قال: حدّثنا إبراهيم بن طهمان) بفتح المهلة وسكون الهاء، الخراساني (عن أبي جمرة) بالجيم والراء، نصر بن عبد الرحمن بن عصام (الضبعي) بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة وبالعين المهملة، نسبة إلى ضبيعة، أبي حي من بكر بن وائل (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (أنه قال: إن أول جمعة جمعت) بضم الجيم وتشديد الميم المكسورة، وزاد في رواية أبي داود، عن وكيع، عن ابن طهمان في الإسلام (بعد جمعة) زاد المصنف في أواخر المغازي: جمعت (في
مسجد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي: في المدينة، ما في رواية وكيع (في مسجد عبد القيس) قبيلة كانوا
ينزلون البحرين، موضع قريب من عمان، بقرب القطيف والأحشاء (بجؤاثى من البحرين) بضم الجيم وتخفيف الواو، وقد تهمز ثم مثلثة خفيفة،