جدّتها مليكة) بضم الميم وفتح اللام وسكون المثناة التحتية، والضمير في جدته عائد إلى إسحاق، لأنها أم أنس (دعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لطعام صنعته، فأكل منه) عليه الصلاة والسلام (فقال) وفي نسخة: ثم قال:
(قوموا فلأصلي بكم) بلام مكسورة وفتح الياء، على أنها لام كي، والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة، إما على زيادة الفاء على رأي الأخفش، واللام متعلقة بقوموا. أو أن: أن والفعل، في تأويل المصدر واللام، ومصحوبها خبر مبتدأ محذوف، أي قوموا فقيامكم لصلاتي بكم.
ويجوز تسكين الياء على أن اللام لام كي، وأسكنت الياء تخفيفًا، وهي لغة مشهورة. ومنه قراءة الحسن {وذروا ما بقي من الربا}.
ويحتمل أن تكون لام الأمر، وثبتت الياء في الجزم إجراء للمعتل مجرى الصحيح، كقراءة قنبل: {إنه من يتقي ويصبر}.
(فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبث، فنضحته بماء، فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، واليتيم معي) برفع اليتيم عطفًا على الضمير المرفوع المتصل بلا فصل، واسمه: ضميرة، بضم الضاد المعجمة وسكون المثناة التحتية وبالراء، ابن سعد الحميري (والعجوز) أم سليم (من ورائنا) بكسر ميم: مِن على الأشهر على أنها حجارة، وجوّز الفتح على أنها موصولة. (فصلّى بنا) عليه الصلاة والسلام (ركعتين).
مطابقته للجزء الأخير من الترجمة في قوله: واليتيم معي، أي في الصف. لأن اليتيم دالّ على الصبي إذ لا يتم بعد الاحتلام.
861 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَالَ: "أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَىَّ أَحَدٌ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بضم العين في الأول والثالث، وسكون المثناة الفوقية، (عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال: أقبلت) حال كوني (راكبًا على حمار أتان) بفتح الهمزة والمثناة الفوقية، أي أنثى الحمير، ولا يقال: أتانة، بخلاف: حمارة، وهو بالجر، بدل من حمار (وأنا يومئذٍ قد ناهزت) بالزاي، أي: قاربت (الاحتلام) أي: البلوغ. فليس المراد: خصوص الحلم وهو الذي يراه النائم من الماء، (ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي بالناس بمنى) بالصرف والياء، في الفرع. قال النووي رحمه الله: والأجود صرفه وكتابته بالألف لا بالياء. (إلى جدار) سترة بالكلية (فمررت بين يدي بعض الصف) الواحد أو المراد الجنس، أي بعض الصفوف (فنزلت وأرسلت الأتان ترتع) بضم العين أي: تسرع المشي، أو تأكل (ودخلت في الصف، فلم ينكر) بكسر الكاف (ذلك) الفعل (عليّ أحد) لا النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولا أحد من أصحابه الحاضرين. ولأبي ذر: عليّ ذلك أحد.
ومطابقته للترجمة في الجزء الأول منها في الوضوء، والثالث في حضور الصبيان الجماعة، والسادس في قوله: وصفوفهم. فإن ابن عباس كان في ذلك الوقت صغيرًا وحضر الجماعة، ودخل في صفهم، وصلّى معهم ولم يكن صلّى إلاّ بوضوء.
862 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: "أَعْتَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ... ". وَقَالَ عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ: قَدْ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلاَةَ غَيْرُكُمْ. وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ يُصَلِّي غَيْرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ".
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن) ابن شهال (الزهري) ولغير أبي ذر عن المستملي: عن ابن شهاب الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير: أن عائشة) رضي الله عنها (قالت: أعتم النبي) ولأبي ذر: رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
(وقال عياش) بالمثناة التحتية والشين المعجمة: (حدّثنا عبد الأعلى قال: حدّثنا) ولابن عساكر: أخبرنا (معمر) هو ابن راشد (عن) ابن شهاب (الزهري، عن عروة) بن الزبير (عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أعتم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي: أخّر حتى اشتدت عتمة الليل، أي: ظلمته (في العشاء، حتى) أي: إلى أن (ناداه عمر) بن الخطاب، ولأبي ذر عن الكشميهني: حتى نادى عمر: (قد نام النساء والصبيان) أي الحاضرون للصلاة مع الجماعة، (فخرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إليهم من الحجرة (فقال):
(إنه ليس أحد من أهل الأرض يصلّي هذه الصلاة) العشاء (غيركم) بالرفع والنصب، كقوله: ما جاءني أحد غير زيد. (ولم يكن أحد يومئذ يصلي غير أهل المدينة) بنصب غير، ولأبي ذر وابن عساكر: غير، بالرفع وتوجيهها كالسابقة. ولابن عساكر: ولم يكن يومئذ فأسقط، لفظ أحد.
ومطابقته للترجمة ظاهرة