(قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي التياح) بالمثناة الفوقية وتشديد التحتية آخره مهملة يزيد بن حميد الضبعي البصري (قال: سمعت حمران بن أبان) بضم الحاء وبفتح الهمزة وتخفيف الموحدة في الثاني حال كونه (يحدث عن معاوية) بن أبي سفيان (قال: إنكم لتصلون صلاة) بفتح اللام للتأكيد (لقد صحبنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فما رأيناه يصلّيها.) أي الصلاة ولغير الحموي يصلّيهما أي الركعتين (ولقد نهى عنها.) أي عن الصلاة ولغير أبي ذر عنهما (يعني الركعتين بعد) صلاة (العصر) نفي معاوية معارض بإثبات غيره أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلّيهما بعد صلاة العصر والمثبت مقدّم على النافي. نعم ليس في رواية الإثبات معارضة لأحاديث النهي، لأن رواية الإثبات لها سبب فألحق بها ما له سبب وبقي ما عدا ذلك على عمومه.

588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَلاَتَيْنِ: بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ".

وبه قال: (حدّثنا محمد بن سلام) بتخفيف اللام على الراجح كما في التقريب السلمي البيكندي بكسر الموحدة وفتح الكاف وسكون النون (قال: حدّثنا عبدة) بن سليمان (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص (عن خبيب) بضم الخاء المعجمة وموحدتين بينهما مثناة تحتية مصغرًا ابن عبد الرحمن (عن حفص بن عاصم) أي ابن عمر بن الخطاب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال):

(نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن صلاتين بعد) صلاة (الفجر حتى تطلع الشمس) جعل الطلوع غاية النهي والمراد بالطلوع هنا الارتفاع للأحاديث الأُخر الدالّة على اعتباره في الغاية (وبعد) صلاة

(العصر حتى تغرب الشمس) وسقط ذكر الشمس عند الأصيلي، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وهو مذهب الحنفية أيضًا، إلاّ أنهم رأوا النهي في هاتين الحالتين أخف منه في غيرهما وذهب آخرون إلى أنه لا كراهة في هاتين الصورتين، ومال إليه ابن المنذر وعلى القول بالنهي، فاتفق على أن النهي فيما بعد العصر متعلق بفعل الصلاة، فإن قدمها اتسع النهي، وإن أخّرها ضاق وأما الصبح فاختلفوا فيه، فقال الشافعي: هو كالذي قبله إنما تحصل الكراهة بعد فعله كما هو مقتضى الأحاديث، وذهب المالكية والحنفية إلى ثبوت الكراهة من طلوع الفجر سوى ركعتي الفجر وهو مشهور مذهب أحمد، ووجه عند الشافعية قال ابن الصباغ أنه ظاهر المذهب، وقطع به المتوليّ في التتمة.

وفي سنن أبي داود عن يسار مولى ابن عمر رضي الله عنهما قال: رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد طلوع الفجر فقال: يا يسار إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج علينا ونحن نصلي هذه الصلاة فقال "ليبلغ شاهدكم غائبكم لا تصلوا بعد الفجر إلاّ سجدتين". وفي لفظ للدارقطني "لا صلاة بعد طلوع الفجر إلاّ سجدتان" وهل النهي عن الصلاة في الأوقات المذكورة للتحريم أو للتنزيه؟ صحّح في الروضة وشرح المهذب أنه للتحريم وهو ظاهر النهي في قوله: "لا تصلوا" والنفي في قوله لا صلاة لأنه خبر معناه النهي. وقد نص الشافعي رحمه الله على هذا في الرسالة، وصحح النووي في تحقيقه أنه للتنزيه وهل تنعقد الصلاة لو فعلها أو باطلة صحح في الروضة كالرافعي بطلانها وظاهره أنها باطلة، ولو قلنا بأنه للتنزيه كما صرّح به النووي في شرح الوسيط كابن الصلاح، واستشكله الأسنوي في المهمات بأنه كيف يباح الإقدام على ما لا ينعقد وهو تلاعب ولا إشكال فيه لأن نهي التنزيه إذا رجع إلى نفس الصلاة كنهي التحريم كما هو مقرر في الأصول. وحاصله أن المكروه لا يدخل تحت مطلق الأمر وإلاّ يلزم أن يكون الشيء مطلوبًا منهيًّا. ولا يصح إلا ما كان مطلوبًا، واستثنى الشافعية من كراهة الصلاة في هذه الأوقات مكة فلا تكره الصلاة فيها في شيء منها لا ركعتا الطواف ولا غيرهما لحديث جبير مرفوعًا: "يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من الليل والنهار" رواه أبو داود وغيره، قال ابن حزم: وإسلام جبير متأخر جدًّا، وإنما أسلم يوم الفتح وهذا بلا شك بعد نهيه عليه الصلاة والسلام عن الصلاة في الأوقات، فوجب استثناء ذلك من النهي، والله تعالى أعلم.

32 - باب مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلاَةَ إِلاَّ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ

رَوَاهُ عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ.

(باب من لم يكره الصلاة إلا بعد) صلاة (العصر و) صلاة (الفجر)، وسقط ذكر والفجر عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015