الأوقات فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال، لأنه وسيلة إلى القيام بها. ولا ريب أن الصلاة أفضل من الصدقة وقد تكون في وقت مؤاساة المضطر أفضل، أو أن أفعل ليست على بابها، بل المراد بها الفضل المطلق أو هو على حذف من وارداتها.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري وكوفي، وفيه التحديث والإخبار والقول والسماع والسؤال، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الجهاد وفي الأدب والتوحيد، ومسلم في الإيمان، والترمذي في الصلاة وفي البر والصلة، والنسائي في الصلاة.

6 - باب الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ

هذا (باب) بالتنوين (الصلوات الخمس كفارة) وللكشميهني كفّارات للخطايا إذا صلاّهنّ لوقتهنّ في الجماعة وغيرها، وسقط الباب والترجمة لأبي ذر والأصيلي، وضبب عليه في رواية أبي الوقت وعند أبي ذر وفي نسخة أبي الهيثم الباب والترجمة وعنده عوض كفّارة كفّارات وعوض لوقتهنّ لوقتها.

528 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟ قَالُوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا. قَالَ: فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا».

وبالسند قال: (حدّثنا إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي ابن محمد بن حمزة الزبيري المدني (قال: حدّثني) بالإفراد وفي رواية أبي ذر حدّثنا (ابن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي عبد العزيز واسم أبي حازم سلمة بن دينار المدني (و) عبد العزيز بن محمد بن عبيد (الدراوردي) بفتح الدال والراء المهملتين فألف ثم واو مفتوحة ثم راء ساكنة ثم دال مهملة فياء قرية بخراسان نسب إليها كلاهما (عن يزيد) ولأبي ذر زيادة ابن عبد الله وللأصيلي يعني ابن عبد الله بن الهاد أي الليثي الأعرج التابعي الصغير (عن محمد بن إبراهيم) التيمي التابعي راوي حديث: إنما الأعمال بالنيّة، (عن أبي سلمة) بفتح اللام (بن عبد الرحمن) بن عوف (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أنه سمع

رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(أرأيتم) بهمزة الاستفهام التقريري وتاء الخطاب أي أخبروني (لو) ثبت (أن نهرًا) بفتح الهاء وسكونها ما بين جنبتي الوادي سمي به لسعته صفته أنه (بباب أحدكم) ظرف مستقر حال كونه (يغتسل فيه كل يوم) ظرف ليغتسل (خمسًا) أي خمس مرات مصدر له (ما تقول) أيها السامع أي ما تظن، فأجرى فعل القول مجرى فعل الظن، كما نبّه عليه ابن مالك في توضيحه لأن ما الاستفهامية تقدمت ووليها فعل مضارع مسند إلى ضمير المخاطب، فاستحق أن يعمل عمل فعل الظن. وقال في المصابيح: جواب لو اقترن بالاستفهام كما اقترن به جواب أن الشرطية في مثل قوله: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14] هكذا مثله بعضهم، ومثل الرضى لذلك بقوله تعالى: {أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُون} [الأنعام: 47] وفيهما نظر. فإن اقتران الجواب في مثله بالفاء واجب ولا محل لهذه الجملة المتضمنة للاستفهام لأنها مستأنفة لبيان الحال المستخبر عنها كأنه لما قال: أرأيتم قالوا عن أي شيء تسأل؟ فقال: لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه في كل يوم خمسًا ما تقول. (ذلك) أي الاغتسال (يبقي) بضم أوله وكسر ثالثه المخفّف من الإبقاء وهو بالموحدة عند الجمهور. وحكى عياض عن بعض شيوخه أنه ينقي بالنون والأول أوجه (من

درنه؟) بفتح أوله أي من وسخه زاد مسلم شيئًا وما الاستفهامية في موضع نصب يبقي، وقدم لأن الاستفهام له الصدر.

فإن قيل: خاطب أولاً الجماعة بقوله أرأيتم ثم أفرد في تقول فما وجهه؟ أجاب في المصابيح: بأنه أقبل على الكل أولاً فخاطبهم جميعًا، ثم أفرد إشارة إلى أن هذا الحكم لا يخاطب به معين لتناهيه في الظهور فلا يختص به مخاطب دون مخاطب وقد مرَّ نظيره.

(قالوا: لا يُبقي) بضم أوله وكسر ثالثه المخفّف وفاعله ضمير يعود إلى ما تقدم أي لا يبقي ذلك الفعل أو الاغتسال (من درنه) وسخه (شيئًا) نصب على المفعولية (قال): عليه الصلاة والسلام: (فذلك) الفاء جواب شرط محذوف أي إذا علمتم ذلك فهو (مثل الصلوات الخمس) بفتح الميم والمثلثة أو بالكسر والسكون (يمحو الله به الخطايا) أي الصغائر وتذكير الضمير باعتبار أداء الصلوات، وللأربعة بها أي بالتأنيث باعتبار الصلوات، وفائدة التمثيل التأكيد وجعل المعقول كالمحسوس. قال الدماميني رحمه الله تعالى: شبه على وجه التمثيل حال المسلم المقترف لبعض الذنوب المحافظ على أداء الصلوات الخمس في زوال الأذى عنه وطهارته من أقذار السيئات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015