عنها حيث (قالت): (والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح) إذ لو كانت فيها المصابيح لضمتهما عند سجوده ولم تحوجه إلى غمزها.

ووجه مطابقته للتطوّع في الترجمة من جهة أنه عليه الصلاة والسلام إنما كان يصلّي الفرض في المسجد، وفيه: أن المرأة لا تقطع الصلاة ولا تفسدها، وإنما كره مالك الصلاة إليها خوف الفتنة والشغل بها، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هذا بخلاف غيره لملكه إربه، وحينئذ فيكون من الخصائص كما قالت عائشة رضي الله عنها في القبلة للصائم: وأيكم كان يملك إربه، الحديث. لكن قد يقال الأصل عدم الخصوصية حتى يصح ما يدل عليها، والله أعلم.

105 - باب مَنْ قَالَ: لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَىْءٌ

(باب من قال لا يقطع الصلاة شيء) أي من فعل غير المصلي.

514 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ الأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ: ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ -الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ- فَقَالَتْ: شَبَّهْتُمُونَا بِالْحُمُرِ وَالْكِلاَبِ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي، وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً، فَتَبْدُو لِي الْحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ فَأُوذِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ.

وبالسند قال: (باب حدّثنا عمر بن حفص) ولأبي ذر زيادة ابن غياث بالمثلثة (قال: حدّثنا أبي) حفص بن غياث (قال: حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (قال: حدّثنا إبراهيم) النخعي ولابن عساكر عن إبراهيم (عن الأسود) بن يزيد النخعي (عن) أُم المؤمنين (عائشة) رضي الله عنها. (قال الأعمش) بسنده السابق (وحدّثني) بالإفراد (مسلم) هو ابن صبيح (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة) رضي الله عنها أنه قال (ذكر عندها ما) أي الذي (يقطع الصلاة)؟ فقالوا: يقطعها (الكلب والحمار والمرأة) والموصول مبتدأ والكلب خبره وتاليه عطف عليه، (فقالت) عائشة رضي الله عنها: (شبهتمونا بالحمر والكلاب). قال ابن مالك: المشهور تعدّيه شبه إلى مشبه به بدون باء لقول

امرئ القيس:

فشبهتهم في الآل لما تكمشوا ... حدائق دوم أو سفينا مقيرا

وقد كان بعض المعجبين بآرائهم يخطئ سيبويه وغيره من أئمة العربية في قولهم شبه كذا بكذا، ويزعم أنه لحن وليس زعمه صحيحًا، بل سقوط الباء وثبوتها جائزان وسقوطها أشهر في كلام القدماء وثبوتها لازم في عُرف العلماء، وفي طريق عبيد الله عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت: بئس ما عدلتمونا بالكلب والحمار، وأرادت بخطابها ذلك ابن أختها عروة أو أبا هريرة رضي الله عنه، فعند مسلم من رواية عروة بن الزبير قال: قالت عائشة رضي الله عنها: ما يقطع الصلاة؟

قال: قلت: المرأة والحمار الحديث. وعند ابن عبد البر من رواية القاسم قال: بلغ عائشة أن أبا هريرة رضي الله عنهما يقول: إن المرأة تقطع الصلاة.

فإن قلت: كيف أنكرت على من ذكر المرأة مع الحمار والكلب فيما يقطع الصلاة وهي قد روت الحديث عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما رآه الإمام أحمد بلفظ: لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار والكافر والكلب والمرأة فقالت عائشة: يا رسول الله لقد قرنًا بذوات سوء. أجيب؟ بأنها لم تنكر ورود الحديث ولم تكن تكذب أبا هريرة، وإنما أنكرت كودة الحكم باقيًا. هكذا فلعلها كانت ترى نسخه، ولذا قالت رضي الله عنها:

(والله لقد رأيت النبي) وللأصيلي رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي وإني) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي

وأنا (على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة) بالرفع خبر لقولها وأنا المبتدأ المقدّر، وعلى هذا التقدير تكون الجملة هذه حالية، وفي رواية بالنصب حال من عائشة، والوجهات في اليونينية، وصحّح على النصب ورقم على الكلمة علامة أبي ذر (فتبدو) أي تظهر (لي الحاجة فأكره أن أجلس) مستقبلة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، (فأوذي النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأنسلّ) بالرفع عطفًا على فأكره أي فأمضي بتأنٍّ وتدريج (من عند رجليه) وإذا كانت المرأة لا تقطع الصلاة مع أن النفوس جبلت على الاشتغال بها فغيرها من الكلب والحمار وغيرهما كذلك بل أولى. نعم رأى القطع بالثلاثة قوم لحديث أبي ذر عند مسلم: يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود، وكذا حديث أبي داود وابن ماجة، وفيه تقييد المرأة بالحائض وأباه مالك والشافعي والأكثرون. وقال الإمام أحمد: يقطعها الكلب الأسود لنص الحديث وعدم المعارض، وفي قلبي من المرأة والحمار شيء لوجود المعارض وهو صلاته عليه الصلاة والسلام إلى أزواجه، ومن رأى القطع بها علّل بأن الجميع في معنى الشيطان الكلب بنص حديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015