والمراد بالأدلة الكتاب والسُّنَّة والإجماع والقياس والاستدلال. وقال إمام الحرمين والغزالي. ثلاثة فقط فأسقطا القياس والاستدلال فالإمام بناه على أن الأدلة لا تتناول إلا القطعي والغزالي خص الأدلة بالثمرة للأحكام فلهذا كانت ثلاثة وجعل القياس من طرق الاستثمار فإنه دلالة من حيث معقول اللفظ كلما أن العموم والخصوص دلالة من حيث صيغته (وكيف معنى الدلالة) بتثليث الدال وهي في عرف الشرع الإرشاد إلى أن حكم الشيء الخاص الذي لم يرد فيه نص داخل تحت حكم دليل آخر بطريق العموم (وتفسيرها) أي تبيينها وهو تعليم المأمور كيفية ما أمر به كتعليم عائشة -رضي الله عنها- للمرأة السائلة التوضؤ بالفرصة.
(وقد أخبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في أول أحاديث هذا الباب (أمر الخيل وغيرها، ثم سئل عن الحمر) بضمتين (فدلهم على قوله تعالى: ({فمن}) بالفاء ولأبي ذر من ({يعمل مثقال ذرة خيرًا يره}
[الزلزلة: 7]) إذ فيه إشارة إلى أن حكم الحمر وغيرها مندرج في العموم المستفاد منه (وسئل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) كما في ثالث أحاديث هذا الباب (عن الضب) أيحل أكله (فقال: لا آكله ولا أحرمه. وأُكل على مائدة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الضب فاستدل ابن عباس بأنه ليس بحرام) لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يقرّ على باطل.
7356 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ فِى مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ فَمَا أَصَابَتْ فِى طِيَلِهَا ذَلِكَ الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِىَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ وَهِىَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِى رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا فَهْىَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً فَهِىَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ». وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْحُمُرِ قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةَ الْجَامِعَةَ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8].
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن زيد بن أسلم) الفقيه العدوي مولى عمر المدني (عن أبي صالح) ذكوان (السمان عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر) بكسر الواو وسكون الزاي إثم (فأما الرجل الذي) هي (له أجر فرجل ربطها) للجهاد (في سبيل الله فأطال) في الحبل الذي ربطها به حتى تسرح للرعي ولأبي ذر عن الكشميهني فأطال لها (في مرج) بفتح الميم وبعد الراء الساكنة جيم موضع كلأ (أو روضة) بالشك من الراوي (فما أصابت) أي ما أكلت وشربت ومشت (في طيلها) بكسر الطاء المهملة وفتح التحتية في حبلها المربوطة به (ذلك المرج) ولأبي ذر والأصيلي من المرج (والروضة) ولأبي ذر أو الروضة (كان له) أي لصاحبها (حسنات) يوم القيامة (ولو أنها قطعت طيلها) حبلها المذكور (فاستنت) بفتح الفوقية والنون المشددة عدت بمرج ونشاط (شرفًا أو شرفين) بفتح الشين المعجمة والراء فيهما شوطًا أو شوطين (كانت آثارها) بمد الهمزة وبالمثلثة في الأرض بحوافرها عند خطواتها (وأرواثها حسنات له) يوم القيامة (ولو أنها مرت بنهر) بفتح الهاء وتسكن (فشربت منه) بغير قصد صاحبها (ولم يرد أن يسقي به) أي يسقيه والباء زائدة وللأصيلي أن تسقى بضم الفوقية وفتح القاف (كان ذلك) أي ذلك الشرب وإرادته (حسنات له وهي لذلك الرجل أجر ورجل ربطها تغنّيًا) بفتح الفوقية والمعجمة وكسر النون المشدّدة أي يستغني بها عن الناس والنصب على التعليل (وتعففًا) يتعفف بها عن الافتقار إليهم بما يعمل عليها ويكسبه على ظهرها (ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها) سقط لفظ لا لأبي ذر واستدلّ به الحنفية في
إيجاب الزكاة في الخيل وقال غيرهم أي يؤدي زكاة تجارتها وظهورها بأن يركب عليها في سبيل الله (فهي له ستر) تقيه من الفاقة (ورجل ربطها فخرًا) لأجل الفخر (ورياء) أي إظهارًا للطاعة والباطن بخلافه (فهي على ذلك وزر) إثم.
(وسئل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الحمر) هل لها حكم الخيل؟ ويحتمل أن يكون السائل صعصعة بن معاوية عم الفرزدق لحديث النسائي في التفسير وصححه الحاكم عنه بلفظ قدمت على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسمعته يقول: {من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره} [الزلزلة: 7] إلى آخر السورة. قال: ما أبالي أن لا أستمع غيرها حسبي حسبي (قال: ما أنزل الله عليّ فيها إلا هذه الآية الفاذة) بالفاء وبعد الألف ذال معجمة مشدّدة القليلة المثل المنفردة في معناها (الجامعة) لكل خير وشر ({فمن}) بالفاء ولأبي ذر من ({يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل