منقطعة فسأل أوّلاً عن القتل مع القصاص، ثم أضرب عنه إلى سؤال آخر لأن أم المنقطعة متضمنة لبل والهمزة، فبل تضرب الكلام السابق والهمزة تستأنف كلامًا آخر والمعنى كيف يفعل أيصبر؟ على العار أو يحدث له أمرًا آخر (سل لي يا عاصم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عن ذلك (فسأله) عاصم (فكره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسائل) المذكورة لما فيها من البشاعة (وعاب) على سائلها ولأبي ذر عن الكشميهني وعابها (فرجع عاصم) إلى أهله وجاءه عويمر (فأخبره أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كره المسائل. فقال عويمر: والله لآتين النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وأسأله عن ذلك (فجاء) إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وقد أنزل الله تعالى القرآن) وهو قوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم} الآية (خلف عاصم) بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام أي بعد رجوعه (فقال):

(قد أنزل الله فيكم) وفي اللعان قد أنزل فيك وفي صاحبتك أي زوجته خولة (قرآنًا، فدعا بهما) ولأبي ذر فدعاهما (فتقدما فتلاعنا، ثم قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها ففارقتها) وفي اللعان فطلّقها (ولم يأمره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بفراقها) لأن نفس اللعان يوجب المفارقة وهو مذهب مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا تحصل الفرقة إلا بقضاء القاضي بها بعد التلاعن (فجرت السُّنّة في المتلاعنين) بفتح النون الأولى بلفظ التثنية أن يفترقا فلا يجتمعان بعد الملاعنة أبدًا. قال سهل بن سعد (وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: انظروها) أي المرأة الملاعنة (فإن جاءت به) بالولد الذي هي حامل به (أحمر) اللون (قصيرًا مثل وحرة) بفتح الواو والحاء المهملة والراء دويبة فوق العدسة، وقيل حمراء تلزق بالأرض كالوزغة تقع في الطعام فتفسده (فلا أراه) بضم الهمزة فلا أظنه أي عويمرًا (إلاّ قد كذب) عليها (وإن جاءت به أسحم) بفتح الهمزة وسكون السين وفتح الحاء المهملتين أسود (أعين) بفتح الهمزة والتحتية بينهما عين مهملة ساكنة واسع العين (ذا إليتين) بتحتية ثم فوقية كبيرتين والاستعمال أليين بحذف الفوقية (فلا أحسب إلا) أنه (قد صدق) أي عويمر (عليها فجاءت به على الأمر المكروه) وهو كونه أسحم أعين لأنه متضمن لثبوت زناها عادة والضمير في قوله: فإن جاءت به للولد أو الحمل لدلالة السياق عليه كقوله تعالى: {إن ترك خيرًا} [البقرة: 18] أي الميت.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: فكره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسائل وعابها لأنه أفحش في السؤال فلذا كره ذلك. والحديث سبق في اللعان.

7305 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ النَّصْرِىُّ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِى ذِكْرًا مِنْ ذَلِكَ فَدَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِى عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَأَذِنَ لَهُمَا؟ قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ الظَّالِمِ اسْتَبَّا فَقَالَ الرَّهْطُ: عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، فَقَالَ: اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ»؟ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَفْسَهُ قَالَ الرَّهْطُ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ذَلِكَ؟ قَالاَ: نَعَمْ. قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّى مُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى هَذَا الْمَالِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ} [الحشر: 2] الآيَةَ. فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ وَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، وَكَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ فَيَجْعَلُهُ

مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ حَيَاتَهُ. أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالاَ: نَعَمْ. ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا كَذَا وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِى بَكْرٍ فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِى وَكَلِمَتُكُمَا عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ جِئْتَنِى تَسْأَلُنِى نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ وَأَتَانِى هَذَا يَسْأَلُنِى نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ، تَعْمَلاَنِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا وَإِلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِى فِيهَا فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ. فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا؟ قَالاَ: نَعَمْ. قَالَ: أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّى قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فَوَالَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ أَقْضِى فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَىَّ فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: (حدّثني) بالإفراد (عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (مالك بن أوس) بفتح الهمزة وسكون الواو ابن الحدثان بفتح الحاء والدال المهملتين والمثلثة ابن عوف بن ربيعة بن سعيد بن يربوع بن واثلة بن دهمان بن نصر بن معاوية بن كبر بن هوازن (النصري) بالنون المفتوحة والصاد المهملة الساكنة كما في الكواكب وعليها علامة الإهمال في الفرع مصححًا عليها، وضبطها العيني بالضاد المعجمة. وقال: نسبة إلى النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر قال وفي همدان أيضًا النضر بن ربيعة اهـ.

وهذا الذي قاله لا أعرفه والمعروف أنه بالمهملة نسبة لجده الأعلى نصر بن معاوية كما مرّ، يقال: إن لأبيه أوس صحبة وكذا قيل لولده مالك.

قال ابن شهاب: (وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكرًا) بكسر المعجمة وسكون القاف (من ذلك) الحديث الآتي (فدخلت على مالك) أي ابن أوس (فسألته) عن ذلك الحديث (فقال: انطلقت حتى) أي إلى أن (أدخل على عمر) -رضي الله عنه- عبر بالمضارع في موضع الماضي مبالغة لإرادة استحضار صورة الحال فجلست عنده فبينا أنا جالس (أتاه حاجبه يرفأ) بتحتية مفتوحة فراء ساكنة ثم فاء فألف وقد تهمز. قال في الفتح: وهي روايتنا من طريق أبي ذر، وكان يرفأ من موالي عمر أدرك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015