(إن أعظم المسلمين جرمًا}) بضم الجيم وسكون الراء بعدها ميم أي إثمًا (من سأل عن شيء لم يحرم) زاد مسلم على الناس (فحرم) بضم الحاء وتشديد الراء المكسورة زاد مسلم عليهم (من أجل مسألته) لا يقال إن في هذا الحديث دلالة للقدرية القائلين إن الله تعالى يفعل شيئًا من أجل شيء وهو مخالف لأهل السُّنّة، لأن أهل السُّنَّة لا ينكرون إمكان التعليل، وإنما ينكرون وجوبه فلا يمتنع أن يكون المقدر الشيء الفلاني يتعلق به الحرمة إن سئل عنه وقد سبق القضاء بذلك لا أن السؤال علة للتحريم اهـ.
والسؤال وإن لم يكن في نفسه جرمًا فضلاً عن كونه أكبر الكبائر لكنه لما كان سببًا لتحريم مباح صار أعظم الجرائم لأنه سبب في التضييق على جميع المسلمين ويؤخذ منه أن من عمل شيئًا
أضرّ به غيره كان آثمًا ولا تنافي بين قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر} [النحل: 43] وقوله: لا تسألوا لأن المأمور به ما تقرر حكمه والمنهي عنه ما لم يتعبد الله تعالى به عباده.
والحديث أخرجه مسلم في فضائل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو داود في السُّنَّة.
7290 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اتَّخَذَ حُجْرَةً فِى الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا لَيَالِىَ حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً، فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «مَا زَالَ بِكُمُ الَّذِى رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِى بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلاَةِ الْمَرْءِ فِى بَيْتِهِ إِلاَّ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ».
وبه قال: (حدّثنا إسحاق) بن منصور الكوسج الحافظ قال (أخبرنا عفان) بن مسلم الصفار كذا بلفظ أخبرنا بالخاء المعجمة في الفرع وهو في الفتح بلفظ حدّثنا بالحاء المهملة واستدلّ به على أن إسحاق هذا هو ابن منصور لا إسحاق بن راهويه قال لقوله حدّثنا عفان، وإسحاق بن راهويه إنما يقول: أخبرنا، ولأن أبا نعيم أخرجه من طريق أبي خيثمة عن عفان ولو كان في مسند إسحاق لما عدل عنه قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء ابن خالد قال: (حدّثنا موسى بن عقبة) صاحب المغازي قال: (سمعت أبا النضر) بالنون المفتوحة والمعجمة الساكنة سالم بن أبي أمية (يحدّث عن بسر بن سعيد) بضم الموحدة وسكون المهملة وسعيد بكسر العين مولى الحضرمي (عن زيد بن ثابت) -رضي الله عنه- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اتّخذ حجرة) بضم الحاء المهملة وسكون الجيم بعدها راء ولأبي ذر عن الحموي والمستملي حجزة بالزاي بدل الراء (في المسجد من حصير) أي حوّطها بها فيه لتستره من الناس وقت الصلاة (فصلّى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها ليالي) من رمضان (حتى اجتمع إليه ناس ففقدوا) بفتح الفاء والقاف (صوته ليلة فظنوا أنه قد نام فجعل بعضهم يتنحنح) بنونين وحاءين مهملتين (ليخرج إليهم) صلوات الله وسلامه عليه (فقال):
(ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم) بفتح الصاد المهملة وسكون التحتية بعد النون المكسورة ولأبي ذر عن الكشميهني من صنعكم بضم الصاد وسكون النون من غير تحتية من شدة حرصكم في إقامة صلاة التراويح جماعة (حتى خشيت) أني لو واظبت على ذلك (أن يكتب عليكم) أي يفرض (ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة). ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: إلا الصلاة المكتوبة أي المفروضة يستثنى منه صلاة العيد ونحوها مما شرع جماعة وتحية المسجد لتعظيمه.
والحديث سبق في صلاة الليل من كتاب الصلاة.
7291 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ غَضِبَ وَقَالَ: «سَلُونِى» فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى فَقَالَ: «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ». فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْغَضَبِ قَالَ: إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وبه قال: (حدّثنا يوسف بن موسى) بن راشد القطان قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد بن أبي بردة) بضم الموحدة وفتح الراء في الأول وسكونها في الثاني (عن) جده (أبي بردة) عامر أو الحارث (عن أبي موسى الأشعري) -رضي الله عنه- أنه (قال: سئل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أشياء) غير منصرف (كرهها) لأنه ربما كان فيها سبب لتحريم شيء على المسلمين فتلحقهم به المشقة قيل منها سؤال من قال أين ناقتي ومن سأل عن وقت الساعة ومن سأل عن الحج أيجب كل عام (فلما أكثروا عليه المسألة غضب) لكونهم تعنتوا في المسألة وتكلفوا ما لا حاجة لهم به (وقال) لهم:
(سلوني) أي عما شئتم كما في كتاب العلم (فقام رجل) اسمه عبد الله بن حذافة (فقال: يا رسول الله من أبي؟ قال: أبوك حذافة) بضم الحاء المهملة وفتح المعجمة وبعد الألف فاء القرشي السهمي (ثم قام آخر) اسمه سعد بن سالم (فقال: يا رسول الله من أبي؟ فقال: أبوك سالم مولى شيبة) بن