(حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (أخبرنا عمرو بن مرة) بفتح العين في الأول وضم الميم وتشديد الراء في الآخر الجملي بفتح الجيم والميم المخففة قال: (سمعت مرّة) بن شراحيل ويقال له مرة الطيب (الهمداني) بسكون الميم وفتح الدال المهملة وليس هو والد عمرو الراوي عنه (يقول: قال عبد الله) بن مسعود -رضي الله عنه- (إن أحسن الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح الهاء وسكون الدال المهملة فيهما السمت والطريقة والسيرة يقال هدى هدي وزيد إذا سار سيرته، ولأبي ذر عن الكشميهني وأحسن الهدى هدى محمد بضم الهاء وفتح الدال والقصر الإرشاد واللام في الهدي للاستغراق لأن أفعل التفضيل لا يضاف إلا إلى متعدد وهو داخل فيه، ولأنه لو لم يكن للاستغراق لم يفد المعنى المقصود وهو تفضيل دينه وسُنّته على سائر الأديان والسُّنن (وشر الأمور محدثاتها) بضم الميم وسكون الحاء وفتح الدال المخففة المهملتين جمع محدثة، والمراد بها البدع والضلالات من الأفعال والأقوال والبدعة كل شيء عمل على غير مثال سابق، وفي الشرع أحداث ما لم يكن في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإن

كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة. قال إمامنا الشافعي -رحمه الله- البدعة بدعتان محمودة ومذمومة فما وافق السُّنّة فهو محمود وما خالفها فهو مذموم وأخرجه أبو نعيم بمعناه من طريق إبراهيم بن الجنيد عن الشافعي وعند البيهقي في مناقب الشافعي: أنه قال المحدثات ضربان ما أحدث مخالفًا كتابًا أو سُنّة أو أثرًا أو إجماعًا فهذه بدعة الضلالة وما أحدث من الخير لا يخالف شيئًا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة (وإن ما توعدون) من البعث وأحواله (لآتٍ) لكائن لا محالة (وما أنتم بمعجزين) بفائتين ردّ لقولهم: مَن مات فات. وهذا من قول ابن مسعود ختم موعظته بشيء من القرآن يناسب الحال، وظاهر سياق هذا الحديث أنه موقوف. قال الحافظ ابن حجر: لكن القدر الذي له حكم الرفع منه قوله وأحسن الهدي هدي محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإن فيه إخبارًا عن صفة من صفاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو أحد أقسام المرفوع.

وقد جاء الحديث عن ابن مسعود مصرحًا فيه بالرفع من وجه آخر أخرجه أصحاب السُّنن لكنه ليس على شرط البخاري، وأخرجه مسلم من حديث جابر مرفوعًا أيضًا بزيادة فيه وليس هو على شرط البخاري أيضًا، وقد سبق حديث الباب في كتاب الأدب.

7278 - 7279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالاَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ».

وبه قال (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عبيد الله) بضم العين ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود (عن أبي هريرة وزيد بن خالد) -رضي الله عنهما- (قال): كذا في الفرع كأصله بالإفراد أي قال كلٌّ منهما وفي غيره قالا (كنا عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فقام رجل فقال أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله الحديث في قصة العسيف الذي زنى بامرأة الذي استأجره (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لهما:

(لأقضين بينكما بكتاب الله) القصة إلى آخرها السابق ذلك في المحاربين وغيره واقتصر منها هنا على قوله كنا عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال لأقضين بينكما بكتاب الله القدر المذكور إشارة إلى أن السُّنّة يطلق عليها كتاب الله لأنها بوحيه وتقديره قال الله تعالى: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} [النجم: 3].

7280 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِىٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إِلاَّ مَنْ أَبَى». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِى دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ أَبَى».

وبه قال: (حدّثنا محمد بن سنان) العوقي بفتح العين المهملة والواو بعدها قاف أبو بكر الباهلي البصري قال: (حدّثنا فليح) بضم الفاء وفتح اللام وبعد التحتية الساكنة حاء مهملة ابن سليمان المدني قال: (حدّثنا هلال بن علي) بن أسامة يقال له ابن أبي ميمون وقد ينسب إلى جده

(عن عطاء بن يسار) بالتحتية والمهملة (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(كل أمتي) أي أمة الإجابة (يدخلون الجنة إلا مَن أبى) بفتح الهمزة والموحدة من عصى منهم فاستثناهم تغليظًا عليهم وزجرًا عن المعاصي أو المراد أمة الدعوة وإلاّ من أبى أي كفر بامتناعه عن قبول الدعوة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015