عبد الله بن عامر بن ربيعة) العنزي المدني حليف بني عدي أبا محمد ولد على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولأبيه صحبة مشهورة -رضي الله عنه- (قال: قالت عائشة) -رضي الله عنها- (أرق) بفتح الهمزة وكسر الراء سهر (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات ليلة) ذات مقحمة (فقال):
(ليت رجلاً صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة، إذ سمعنا صوت السلاح قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (من هذا؟ قيل) ولأبي الوقت وأبي ذر عن الكشميهني ثم قال (سعد) بسكون العين ابن أبي وقاص (يا رسول الله جئت أحرسك فنام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى سمعنا غطيطه) بفتح الغين المعجمة وكسر الطاء المهملة الأولى صوت النائم ونفخه، وفي باب الحراسة في الغزو من الجهاد من طريق علي بن مسهر عن يحي بن سعيد كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما قدم المدينة قال: "ليت رجلاً" الخ. وعند مسلم من طريق الليث عن يحيى بن سعيد سهر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مقدمه المدينة ليلة فقال: "ليت رجلاً" وظاهره أن السهر والقول معًا كانا بعد قدومه المدينة بخلاف رواية البخاري في باب الحراسة المذكورة فإن ظاهرها أن السهر كان قبل القدوم والقول بعده وهو محمول على التقديم والتأخير كما قدمته في الباب المذكور، وليس المراد بقدومه المدينة أول ما قدم إليها في الهجرة لأن عائشة إذ ذاك لم تكن عنده ولا سعد.
ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إن ليت حرف تمنٍّ يتعلق بالمستحيل غالبًا وبالممكن قليلاً ومنه حديث الباب فإن كلاًّ من الحراسة والمبيت بالمكان الذي تمناه قد وجد.
والحديث سبق في الجهاد في باب الحراسة.
(قال أبو عبد الله) محمد بن إسماعيل البخاري (وقالت عائشة) -رضي الله عنها- (قال بلال) عند مرضه أول قدومهم في الهجرة (ألا) بالتخفيف (ليت شعري هل أبيتن ليلة * بواد وحولي إذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال والخاء المعجمة نبت طيب الرائحة (وجليل). بالجيم الثمامة وهو نبت قصير لا يطول قالت عائشة: (فأخبرت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بقوله.
وسبق موصولاً بتمامه في مقدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من كتاب الهجرة وموضع الدلالة منه قولها فأخبرت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
(باب تمنِّي القرآن والعلم).
7232 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَحَاسُدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهْوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً يُنْفِقُهُ فِى حَقِّهِ فَيَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ».
وبه قال: (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) أبو الحسن العبسي مولاهم الكوفي الحافظ قال: (حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد (عن الأعمش) سليمان بن بلال (عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لا تحاسد) بفوقية قبل الحاء المهملة وألف بعدها وضم السين المهملة وفي كتاب العلم: لا حسد والحسد تمني زوال النعمة عن المنعم عليه والمراد به هنا الغبطة وأطلق الحسد عليها مجازًا وهو أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه أي لا غبطة (إلا في اثتين) بتاء التأنيث أي لا حسد محمودًا في شيء إلا في خصلتين وفي الاعتصام اثنين بغير تاء أي في شيئين (رجل) بالرفع بتقدير إحدى الاثنتين خصلة رجل فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (آتاه الله) أعطاه الله (القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار) ساعاتهما ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من آناء الليل والنهار (يقول) سامعه (لو أوتيت) أعطيت (مثل ما أوتي) أعطي (هذا) من تلاوة القرآن آناء الليل والنهار (لفعلت كما يفعل) لقرأت كما يقرأ (و) الثاني (رجل آتاه الله مالاً ينفقه في حقه فيقول) الذي يراه ينفقه (لو أوتيت) أعطيت (مثل ما أوتي) أعطي (هذا) من المال (لفعلت كما يفعل). لأنفقته كما أنفق.
والحديث يأتي في التوحيد.
0000 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ بِهَذَا.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (بهذا) الحديث السابق.
وفيه إشارة إلى أن له فيه شيخين عثمان بن أبي شيبة وقتيبة بن سعيد كلاهما عن جرير، وسقط ذلك في رواية أبي ذر.
{وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا} [النساء: 32].
(باب ما يكره من التمني) وهو الذي يكون فيه إثم كالذي يكون داعيًا إلى الحسد والبغضاء ({ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}) [النساء: 32] لأن ذلك التفضيل قسمة من الله تعالى