فلم تجد عنده بوّابًا إنه لما قيل لها إنه لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استشعرت خوفًا وهيبة في نفسها فتصوّرت أنه مثل الملوك له حاجب وبوّاب يمنع الناس من الوصول إليه فوجدت الأمر بخلاف ما تصوّرته.
(فقالت: يا رسول الله والله ما عرفتك. فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لها (إن الصبر عند أول صدمة) ولأبي ذر عن الكشميهني: عند أول الصدمة بالتعريف، والمعنى إذا وقع الثبات أول شيء يهجم على القلب من مقتضيات الجزع فهو الصبر الكامل الذي يترتب عليه الأجر فالمرء لا يؤجر على المصيبة لأنها ليست من صنعه وإنما يؤجر على حسن تثبته وجميل صبره.
وسبق الحديث في الجنائز في باب زيارة القبور.
(باب) ذكر (الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه) القتل (دون الإمام الذي فوقه) أي الذي ولاّه من غير احتياج إلى استئذانه في خصوص ذلك وباب مضاف لتاليه في الفرع، وقال العيني: ليس مضافًا وإن قوله الحاكم رفع بالابتداء وقوله يحكم بالقتل خبره. وقال في الكواكب وتبعه البرماوي قوله دون هو إما بمعنى عند وإما بمعنى غير، لكن الحديث الثاني يدل على أنه بمعنى غير ليس إلا والأول يحتملهما.
7155 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الذُّهْلِىُّ، حَدَّثَنَا الأَنْصَارِىُّ مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأَمِيرِ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن خالد) هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس (الذهلي) بضم المعجمة وسكون الهاء وكسر اللام وسقط الذهلي لأبي ذر قال: (حدّثنا الأنصاري محمد) بتقديم النسبة على الاسم وهي رواية أبي زيد المروزي كما في الفتح وللأكثر حدّثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: (حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: حدّثني (أبي) عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس (عن) عم أبيه (ثمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميم الأولى والثانية بينهما ألف (عن أنس) -رضي الله عنه- (أن قيس بن سعد). قال في الفتح: وزاد في رواية المروزي ابن عبادة أي الأنصاري الخزرجي لا قيس بن سعد بن معاذ ولأبي ذر عن أنس بن مالك قال: إن قيس بن سعد (كأن يكون بين يدي النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير). بضم المعجمة وفتح الراء بعدها طاء مهملة. وزاد الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن محمد بن مرزوق عن الأنصاري مما أدرجه الأنصاري من كلامه كما بيّنه الترمذي لا ينفذه من أموره. والشرطة أعوان الأمير الذين يتصرفون في الجند بأمره والمراد بصاحب الشرطة كبيرهم، فقيل سموا بذلك لأنهم رذالة الجند أو لأنهم الأشداء الأقوياء من الجند. قال الأزهري: شرطة كل شيء خياره، ومنه الشرطة لأنهم نخبة الجند وقيل هم أول طائفة تتقدم الجيش وتشهد الوقعة، وقيل مأخوذ من الشريط وهو الحبل المبرم لما فيهم من الشدة.
وفي الحديث تشبيه ما مضى بما حدث بعده، لأن صاحب الشرطة لم يكن موجودًا في العهد النبوي عند أحد من العمال، وإنما حدث في دولة بني أمية فأراد أنس تقريب حال قيس بن سعد عند السامعين فشبهه بما يعهدونه وفائدة تكرار لفظ الكون في قوله كان يكون بيان الدوام والاستمرار كما قاله في الكواكب.
وقوله في الفتح إنه وقع في الترمذي وغيره من طرق عن الأنصاري كان قيس بن سعد من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: فظهر أن ذلك كان من تصرف الرواة، تعقبه العيني بأن رواية الترمذي وغيره لا تستلزم نفي رواية كان يكون فإن كلاًّ لا يروي إلا ما ضبطه فعدم النسبة إلى تصرف الرواة أولى من كونهم تصرفوا في ذلك من أنفسهم ومفهوم التكرار، وزيادة الإسماعيلي أن ذلك كان لقيس على سبيل الوظيفة الراتبة لكن يعكر عليه ما ذكره الإسماعيلي بلفظ قال الأنصاري، ولا أعلمه إلا عن أنس أنه لما قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان قيس بن سعد في مقدمته بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير فكلم سعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قيس أن يصرفه من الموضع الذي وضعه فيه مخافة أن يقدم على شيء فصرفه عن ذلك، ثم أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن الأنصاري بدون تلك الزيادة التي في آخره قال: ولم يشك في كونه عن أنس فكأن الأنصاري كان يتردد في وصلها. قال الحافظ ابن حجر: وعلى تقدير ثبوت هذه