وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين) أي حلفت على محلوف يمين فسماه يمينًا مجازًا للملابسة بينهما والمراد ما شأنه أن يكون محلوفًا عليه وإلاّ فهو قبل اليمين ليس محلوفًا عليه فيكون من مجاز الاستعارة ويحتمل أن يكون على معنى الباء ويؤيده رواية النسائي إذا حلفت بيمين لكن قوله (فرأيت غيرها خيرًا منها فائت الذي هو خير وكفّر عن يمينك) يدل على الأول لأن الضمير لا يصح عوده على اليمين بمعناها الحقيقي ولذا رجح في الكشاف الأول فقال في قوله تعالى: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} [البقرة: 224] أي حاجزًا لما حلفتم عليه وسمي المحلوف يمينًا لتلبسه باليمين كما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعبد الرحمن بن سمرة إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فائت الذي هو خير أي على شيء مما يحلف عليه.

7 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الإِمَارَةِ

(باب ما يكره من الحرص على) طلب (الإمارة).

7148 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ». وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ.

وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) نسبه لجده واسم أبيه عبد الله قال: (حدّثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن المدني (عن سعيد المقبري) بضم الموحدة (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(إنكم ستحرصون) بكسر الراء وفتحها (على الإمارة) الإمامة العظمى أو الولاية بطريق النيابة (وستكون ندامة) لمن لم يعمل فيها بما ينبغي (بوم القيامة). وفي حديث عوف بن مالك عند البزار والطبراني بسند صحيح: أوّلها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل، وعن أبي هريرة في أوسط الطبراني الإمارة أولها ندامة وأوسطها غرامة وآخرها عذاب يوم القيامة (فنعم المرضعة) الولاية فإنها تدر عليه المنافع واللذات العاجلة (وبئست الفاطمة) عند انفصاله عنها بموت أو غيره فإنها تقطع عنه تلك اللذائذ والمنافع وتُبقي عليه الحسرة والتَّبِعَة وألحقت التاء في بئست دون نعم، والحكم فيهما إذا كان فاعلهما مؤنثًا جواز الإلحاق وتركه فوقع التفنن في هذا الحديث

بحسب ذلك. وقال في المصابيح: شبه على سبيل الاستعارة ما يحصل من نفع الولاية حال ملابستها بالرضاع وشبه بالفطام انقطاع ذلك عنه عند الانفصال عنها إما بموت أو بغيره فالاستعارة في المرضعة والفاطمة تبعية.

فإن قلت: هل من لطيفة تلمح في ترك التاء من فعل المدح وإثباتها مع فعل الذم؟ قلت: رضاعها هو أحب حالتيها إلى النفس وفطامها أشق الحالتين على النفس والتأنيث أخفض حالتي الفعل وتركه أشرف حالتيه إذ هي حالة التذكير وهو أشرف من التأنيث فآثر استعمال أشرف حالتي الفعل مع الحالة المحبوبة التي هي أشرف حالتي الولاية واستعمل الحالة الأخرى وهي التأنيث مع الحالة على النفس، وهي حالة الفطام عن الولاية لمكان الناسبة في المحلين فهذا أمر قد يتخيل في هذا المقام فتأمله اهـ.

وقال في شرح المشكاة: إنما لم يلحق التاء بنعم لأن المرضعة مستعارة للإمارة وهي وإن كانت مؤنثة إلا أن تأنيثها غير حقيقي وألحقها ببئس نظرًا إلى كون الإمارة حينئذٍ داهية دهياء، وفيه أن ما يناله الأمير من البأساء والضراء أبلغ وأشد مما يناله من النعماء والسرّاء، وإنما أتي بالتاء في المرضع والفاطم دلالة على تصوير تينك الحالتين المتجددتين في الإرضاع والإفطام فعلى العاقل أن لا يلم بلذة تتبعها حسرات.

وفي حديث أبي هريرة عند الترمذي وقال حديث غريب أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من ولي القضاء أو جعل قاضيًا بين الناس فقد ذبح بغير سكّين" والذبح إذا كان بغير سكين فيه زيادة تعذيب للمذبوح بخلاف الذبح بالسكّين ففيه إراحة له بتعجيل إزهاق الروح وقيل إن الذبح لما كان في العرف بالسكّين عدل -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى غيره ليعلم أن المراد ما يخاف عليه من هلاك دينه دون بدنه. قال التوربشتي: وشتان ما بين الذبحين فإن الذبح بالسكّين عناء ساعة والآخر عناء عمره، أو المراد أنه ينبغي أن يميت جميع دواعيه الخبيثة وشهواته الرديئة فهو مذبوح بغير سكّين، وعلى هذا فالقضاء مرغوب فيه وعلى ما قبله فالمراد التحذير منه. قال المظهريّ: خطر القضاء كثير وضرره عظيم لأنه

قلما عدل القاضي بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015