يقع في آخر الزمان عند قبض أهل الإيمان فإن كان حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا موافقًا لحديث أبي هريرة فلا معنى لإنكاره أصلاً، وإن كان لم يرفعه وكان فيه قدر زائد يُشعِر بأن القحطاني يكون في أوائل الإسلام فهو معذور في إنكاره وقد يكون معناه أن قحطانيًّا يخرج في ناحية من النواحي فلا يعارض حديث معاوية قاله في فتح الباري.
(تابعه) أي تابع شعيبًا (نعيم) هو ابن حماد (عن ابن المبارك) عبد الله (عن معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن محمد بن جبير) وهذه المتابعة وصلها الطبراني في معجمه الكبير والأوسط مثل رواية شعيب إلا أنه قال بعد قوله فغضب فقال سمعت ولم يذكر ما قبل سمعت، وقال في رواية: كبّ على وجهه بضم الكاف وإنما ذكرها البخاري -رحمه الله- تقوية لصحة رواية الزهري عن محمد بن جبير حيث قال: كان محمد بن جبير فقد قال صالح جزرة الحافظ ولم يقل أحد في روايته عن الزهري عن محمد بن جبير إلا ما وقع في رواية نعيم بن حماد عن عبد الله بن المبارك، قال صالح: ولا أصل له من حديث ابن المبارك، وكانت عادة الزهري إذا لم يسمع الحديث يقول كان فلان يحدّث، وتعقبه البيهقي بما أخرجه من طريق يعقوب بن سفيان بن حجاج بن أبي معين الرصافي عن جده عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم، وأخرجه الحسن بن رشيق في فوائده من طريق عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري عن محمد بن جبير قاله في الفتح.
7140 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يَزَالُ الأَمْرُ فِى قُرَيْشٍ مَا بَقِىَ مِنْهُمُ اثْنَانِ».
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي قال: (حدّثنا عاصم بن محمد) قال: (سمعت أبي) محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (يقول: قال) جدي (ابن عمر) -رضي الله عنه- (قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لا يزال هذا الأمر) أي الخلافة (في قريش) يلونها (ما بقي منهم اثنان) قال النووي: في الحديث أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لغيرهم وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة ومن بعدهم ومن خالف في ذلك من أهل البدع فهو محجوج بإجماع الصحابة. قال ابن المنير: وجه الدلالة من الحديث ليس من جهة تخصيص قريش بالذكر فإنه يكون مفهوم اللقب لا حجة فيه عند المحققين وإنما الحجة وقوع المبتدأ معرّفًا باللام الجنسية لأن المبتدأ بالحقيقة هاهنا هو الأمر الواقع صفة لهذا وهذا لا يوصف إلا بالجنس فمقتضاه حصر جنس الأمر في قريش فيصير كأنه
قال لا أمر إلا في قريش وهو كقوله: الشفعة فيما لم يقسم، والحديث وإن كان بلفظ الخبر فهو بمعنى الأمر كأنه قال: ائتموا بقريش خاصة، وقوله ما بقي منهم اثنان ليس المراد به حقيقة العدد، وإنما المراد به انتفاء أن يكون الأمر في غير قريش، وهذا الحكم مستمر إلى يوم القيامة ما بقي من الناس اثنان، وقد ظهر ما قاله رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فمن زمنه إلى الآن لم تزل الخلافة في قريش من غير مزاحمة لهم على ذلك ومن تغلب على الملك بطريق الشوكة لا ينكر أن الخلافة في قريش وإنما يدّعي أن ذلك بطريق النيابة عنهم اهـ.
ويحتمل أن يكون بقاء الأمر في قريش في بعض الأقطار دون بعض فإن في البلاد اليمنية طائفة من ذرية الحسن بن علي لم تزل مملكة معهم من أواخر المائة الثالثة وأمراء مكة من ذرية الحسن بن عليّ والينبع والمدينة من ذرية الحسين بن علي وإن كانوا من صميم قريش لكنهم تحت حكم غيرهم من ملوك مصر.
قال الحافظ ابن حجر: ولا شك في كون الخليفة بمصر قرشيًّا من ذرية العباس ولو فقد قرشي فكناني، ثم رجل من بني إسماعيل، ثم عجمي على ما في التهذيب، أو جرهمي على ما في التتمة، ثم رجل من بني إسحاق وأن يكون شجاعًا ليغزو بنفسه ويعالج الجيوش ويقوى على فتح البلاد ويحمي البيضة، وأن يكون أهلاً للقضاء بأن يكون مسلمًا مكلفًا حرًّا عدلاً ذكرًا مجتهدًا ذا رأي وسمع وبصر ونطق وتنعقد الإمامة ببيعة أهل العقد والحل من العلماء ووجوه الناس المتيسر اجتماعهم وباستخلاف الإمام من يعينه