موافقة له عليه الصلاة والسلام وليكون أبلغ في بقائه عليه السلام على حالته وراحته بخلاف ما إذا لم يفعل ذلك فربما استحيا منه فرفع رجليه (فجاء عمر) -رضي الله عنه- أي يستأذن أيضًا (فقلت: كما أنت حتى أستأذن لك) فاستأذنت له (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ائذن له وبشره بالجنة. فجاء) عمر -رضي الله عنه- وجلس (عن يسار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكشف عن ساقيه فدلاهما في البئر فامتلأ) بالفاء، ولأبي ذر عن الكشميهني وامتلأ (القف) به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصاحبيه (فلم يكن فيه مجلس ثم جاء عثمان) -رضي الله عنه- (فقلت: كما أنت حتى استأذن لك) فاستأذنت (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ائذن له وبشره بالجنة معها بلاء يصيبه) وهو قتله فى الدار قال ابن بطال: وإنما خص عثمان بذكر البلاء مع أن عمر أيضًا قتل لأن عمر لم يمتحن بمثل ما امتحن عثمان من تسليط القوم الذين أرادوا منه أن ينخلع من الإمامة بسبب ما نسبوه إليه من الجور مع تنصله من ذلك واعتذاره من كل ما نسبوه إليه ثم هجمهم عليه داره وهتكهم ستر أهله فكان ذلك زيادة على

قتله، وفي رواية أحمد بإسناد صحيح من طريق كليب بن وائل عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتنة فمر رجل فقال يقتل فيها هذا يومنذ ظلمًا قال فنظرت فإذا هو عثمان (فدخل) -رضي الله عنه- (فلم يجد معهم مجلساً فتحوّل حتى جاء مقابلهم على شفة البئر) بفتح الشين المعجمة والفاء المخففة (فكشف عن ساقيه ثم دلاهما في البئر) قال أبو موسى (فجعلت أتمنى أخًا لي) هو أبو بردة عامر أو أبو رهم (وأدعو الله أن يأتي قال ابن المسيب) سعيد (فتأوّلت) ولأبي ذر عن الكشميني فأولت فتفرست (ذلك) أي اجتماع الصاحبين معه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وانفراد عثمان (قبورهم اجتمعت هاهنا وانفرد عثمان) عنهم في البقيع والمراد بالاجتماع مطلقه لا خصوص كون أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله كما كانوا على البئر وفيه أن التمثيل لا يستلزم التسوية. نعم أخرج أبو نعيم عن عائشة في صفة القبور الثلاثة أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره ففيه التصريح بتمام التشبيه لكن سنده ضعيف وعارضه ما هو أوضح منه، وعند أبي داود والحاكم من طريق القاسم بن محمد قال: قلت لعائشة يا أمتاه اكشفي عن قبر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصاحبيه فكشفته لي الحديث. وفيه فرأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإذا أبو بكر رأسه بين كتفيه وعمر رأسه عند رجلي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وحديث الباب سبق في فضل أبي بكر وأخرجه مسلم في الفضائل.

7098 - حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لأُسَامَةَ أَلاَ تُكَلِّمُ هَذَا؟ قَالَ: قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ وَمَا أَنَا بِالَّذِى أَقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَنْتَ خَيْرٌ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «يُجَاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِى النَّارِ فَيَطْحَنُ فِيهَا كَطَحْنِ الْحِمَارِ بِرَحَاهُ فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ أَىْ فُلاَنُ أَلَسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: إِنِّى كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ أَفْعَلُهُ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَفْعَلُهُ».

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (بشر بن خالد) بكسر الموحدة وسكون المعجمة اليشكري قال (أخبرنا محمد بن جعفر) الهذلي مولاهم البصري الحافظ غندر (عن) زوج أمه (شعبة) بن الحجاج الحافظ (عن سليمان) بن مهران الأعمش أنه قال (سمعت أبا وائل) شقيق بن سلمة (قال: قيل لأسامة) بن زيد حب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-رضي الله عنه- (ألا) بالتخفيف (تكلم هذا) أي عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فيما أنكر الناس عليه من توليه أقاربه وغير ذلك مما اشتهر وقال المهلب في شأن أخيه لأمه الوليد بن عقبة وما ظهر عليه من شربه الخمر (قال) أسامة: (قد كلمته) في ذلك سرًّا (ما دون أن أفتح بابًا) من أبواب الإنكار عليه (أكون أول من يفتحه) بصيغة المضارع ولأبي ذر عن الكشميهني فتحه بل كلمته على سبيل المصلحة والأدب إذا الإعلان بالأنكار على الأئمة ربما أدّى إلى افتراق الكلمة كما وقع ذلك من تفرق الكلمة بمواجهة عثمان بالنكير فالتلطف والنصيحة سرًّا أجدر بالقبول، وقول المهلب إن المراد الوليد بن عقبة تبعه فيه العيني بل صرح بأنه في مسلم

ولفظه، وقد بيّنه في رواية مسلم قيل له ألا تدخل على عثمان وتكلمه في شأن الوليد بن عقبة وما ظهر منه من شرب الخمر اهـ.

وقد رأيت الحديث في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومخالفته وليس فيه ما قاله العيني. وقال الحافظ ابن حجر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015