والنفس ميالة إلى الراحة وتحنّ إلى جنسها ولكثرة شياطين الإنس الذي هم أضر من شياطين الجن.

(ويلقى الشح) بتثليث الشين وهو البخل في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم حتى يبخل العالم بعلمه فيترك التعليم والفتوى ويبخل الصانع بصناعته حتى يترك تعليم غيره ويبخل الغني بماله حتى يهلك الفقير وليس المراد أصل الشحّ لأنه لم يزل موجودًا، فالمراد غلبته وكثرته وليس بينه وبين قوله في كتاب الأنبياء ويفيض المال حتى لا يقبله أحد تعارض إذ كلٍّ منهما في زمان غير زمان الآخر وقوله: ويلقى بضم فسكون ففتح وقال الحميدي لم يضبط الرواة هذا الحرف، ويحتمل أن يكون بتشديد القاف بمعنى يتلقى ويتعلم ويتواصى به ويدعى إليه من قوله تعالى: {ولا يلقاها إلا الصابرون} [القصص: 80] أي لا يعلمها وينبه عليها ولو قيل يلقى بتخفيف القاف لكان أبعد لأنه لو ألقي لترك ولم يكن موجودًا اهـ.

قال في المصابيح: وهذا غير لازم إذ يمكن أن المراد يلقى الشحّ في القلوب أي يطرح فيها فيكون حينئذٍ موجودًا معدومًا. (وتظهر الفتن) أي كثرتها وهذا موضع الترجمة (ويكثر الهرج) بفتح الهاء وسكون الراء بعدها جيم (قالوا: يا رسول الله أيم) بفتح الهمزة وتشديد التحتية وفتح الميم مخففة أي أيّ شيء (هو)؟ أي الهرج والأكثر على حذف الألف بعد ميمها تخفيفًا، ولأبي ذر أيما بضم التحتية وبعد الميم ألف وضبطه بعضهم بتخفيف التحتية أي بحذف الياء الثانية كما قالوا أيش في موضع أي شيء وفي رواية عنبسة بن خالد عن يونس عند أبي داود قيل يا رسول الله أيش هو (قال): هو (القتل القتل) بالتكرار مرتين.

(وقال شعيب) هو ابن أبي حمزة مما وصله المؤلّف في الأدب (ويونس) بن يزيد مما وصله مسلم في صحيحه بلفظ ويقبض العلم وقدم وتظهر الفتن على ويلقى الشح وقالوا: وما الهرج؟

قال: "القتل" ولم يكرر لفظ القتل. (والليث) بن سعد الإمام فيما وصله الطبراني في الأوسط (وابن أخي الزهري) محمد بن عبد الله بن مسلم مما وصله في الأوسط أيضًا أربعتهم (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن حميد) بضم الحاء وفتح الميم ابن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يعني أن هؤلاء الأربعة خالفوا معمرًا في قوله في الحديث السابق عن الزهري عن سعيد، فجعلوا شيخ الزهري حميدًا لا سعيدًا وصنيع المؤلّف رحمه الله يقتضي أن الطريقين صحيحان فإنه وصل طريق معمر هنا، ووصل طريق شعيب في الأدب كما مر ولعله رأى أن ذلك غير قادح لأن الزهري صاحب حديث فيكون الحديث عنده عن شيخين ولا يلزم من ذلك اطّراده في كل مَن اختلف عليه في شيخه إلا أن يكون مثل الزهري في كثرة حديثه وشيوخه.

قال ابن بطال: وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط قد رأيناها عيانًا فقد نقص العلم وظهر الجهل، وألقي الشح في القلوب وعمّت الفتن وكثر القتل. قال في الفتح: الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله، والمراد من الحديث استحكام ذلك حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر والواقع أن الصفات المذكورة وجدت مباديها من عهد الصحابة ثم صارت تكثر في بعض الأماكن دون بعض وكلما مضت طبقة ظهر البعض الكثير في التي تليها ويشير إليه قوله في حديث الباب التالي: لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه.

وحديث الباب أخرجه مسلم في القدر وابن ماجة في الفتن.

7062 - 7063 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى فَقَالاَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ لأَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ، وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ».

وبه قال: (حدّثنا عبيد الله بن موسى) بضم العين أبو محمد العبسي الحافظ أحد الأعلام وفي نسخة معتمدة كما في الفتح حدّثنا مسدد حدّثنا عبيد الله بن موسى وسقط في غيرها: وقال عياض: ثبت للقابسي عن أبي ذر المروزي وسقط مسدد للباقين وهو الصواب. الحافظ ابن حجر: وعليه اقتصر أصحاب الأطراف اهـ.

وفي هامش الفرع مما عزاه للأصيلي في نسخة أبي ذر حدّثنا مسدد صح قال في الحاشية سقط ذكر مسدد في نسخة وإسقاطه صواب وهو في نسخة عند الأصيلي اهـ.

قلت: وكذا رأيته في اليونينية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015