(قال) سمرة (فقال بعض المسلمين) قال في الفتح: لم أقف على اسمه (يا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأولاد المشركين؟) الذين ماتوا على الفطرة داخلون في زمرة هؤلاء الولدان؟ سقطت الواو الأولى من قوله وأولاد لابن عساكر (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مجيبًا (وأولاد المشركين) منهم وظاهره الحكم لهم بالجنة ولا يعارضه قوله إنهم مع آبائهم لأن ذلك في الدنيا (وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسنًا) ولأبي ذر شطرًا منهم حسن بنصب الأول ورفع الثاني وللأصيلي وابن عساكر برفع شطر وحسن (وشطر منهم قبيحًا) ولأبي ذر وابن عساكر بنصب الأول ورفع الثاني وفي نسخة أبي ذر والصواب شطر وشطر بالرفع كذا رأيته في حاشية الفرع منسوبًا لليونينية ثم رأيته فيها كذلك وللنسفي والإسماعيلي بالرفع في الجميع على أن كان تامة والجملة حالية (فإنهم قوم خلطوا) بتخفيف اللام (عملاً صالحًا وآخر سيئًا تجاوز الله عنهم).
ومن آداب المعبر ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر أنه كتب إلى أبي موسى إذا رأى أحدكم رؤيا فقصّها على أخيه فليقل: خير لنا وشر لأعدائنا، ورجاله ثقات لكن سنده منقطع، وعند الطبراني والبيهقي في الدلائل من حديث ابن زمل الجهني وهو بكسر الزاي وسكون الميم بعدها لام قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا صلّى الصبح قال: "هل رأى أحد منكم شيئًا؟ " قال ابن زمل: فقلت أنا يا رسول الله. قال: "خيرًا تلقاه وشرًّا تتوقاه وخير لنا وشر على أعدائنا والحمد لله رب العالمين
اقصص رؤياك" الحديث. وسنده ضعيف جدًّا، وينبغي أن يكون العابر دينًا حافظًا تقيًّا ذا علم وصيانة كاتمًا لأسرار الناس في رؤياهم وأن يستغرق السؤال من السائل بأجمعه وأن يرد الجواب على قدر السؤال للشريف والوضيع ولا يعبر عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا عند الزوال ولا في الليل، ومن أدب الرائى أن يكون صادق اللهجة وأن ينام على وضوء على جنبه الأيمن وأن يقرأ عنده والشمس والليل والتين وسورتي الإخلاص والمعوذتين ويقول: اللهم إني أعوذ بك من سيء الأحلام وأستجير بك من تلاعب الشيطان في اليقظة والمنام. اللهم إني أسألك رؤيا صالحة صادقة نافحة حافظة غير منسية اللهم أرني في منامي ما أحب، ومن آدابه أن لا يقصها على امرأة ولا على عدوّ ولا على جاهل.
وهذا آخر كتاب التعبير فرغ منه يوم الاثنين العشرين من شعبان سنة 915.
بسم الله الرحمن الرحيم
بكسر الفاء وفتح الفوقية جمع فتنة وهي المحنة والعذاب والشدة وكل مكروه وآيل إليه كالكفر والإثم والفضيحة والفجور والمصيبة وغيرها من المكروهات، فإن كانت من الله فهي على وجه الحكمة، وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله فهي مذمومة فقد ذم الله الإنسان بإيقاع الفتنة كقوله تعالى: {والفتنة أشد من القتل} [البقرة: 191] و {إن الذين فتنوا المؤمنين} [البروج: 10] الآية.
(بسم الله الرحمن الرحيم) قال في الفتح: كذا في رواية الأصيلي وكريمة تأخير البسملة ولغيرهما تقديمها والذي في الفرع كأصله رقم عليه علامة أبي ذر بعد التصحيح وعلامة التقديم والتأخير عليهما لابن عساكر.
(ما جاء) ولأبي ذر: باب ما جاء (في) بيان (قول الله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصّة} [الأنفال: 25]). أي اتقوا ذنبًا يعمكم أثره كإقرار المنكر بين أظهركم والمداهنة في الأمر بالمعروف وافتراق الكلمة وظهور البدع والتكاسل في الجهاد على أن قوله لا تصيبن إما جواب الأمر على معنى إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم، وفيه أن جواب الشرط متردّد فلا تليق به النون المؤكدة لكنه لما تضمن معنى النهي ساغ فيه كقوله: {ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم} [النمل: 18] وإما صفة لفتنة ولا للنفي وفيه شذوذ لأن النون لا تدخل النفي في غير القسم والنهي على إرادة القول كقوله: