بالقرب من الجامع الأزهر. وشرع في تأليفه في أواخر رجب سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وفرغ منه في آخر الثلث الأوّل من ليلة السبت خامس شهر جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وثمانمائة، واستمد فيه من فتح الباري كان فيما قيل يستعيره من البرهان ابن خضر بإذن مصنفه له، وتعقبه في مواضع وطوّله بما تعمد الحافظ ابن حجر في الفتح حذفه من سياق الحديث بتمامه، وإفراد كلٍّ من تراجم الرواة بالكلام وبيان الأنساب واللغات والإعراب والمعاني والبيان، واستنباط الفرائد من الحديث والأسئلة والأجوبة وغير ذلك.

وقد حكي أن بعض الفضلاء ذكر للحافظ ابن حجر ترجيح شرح العيني بما اشتمل عليه من البديع وغيره، فقال بديهة هذا شيء نقله من شرح لركن الدين، وكنت قد وقفت عليه قبله ولكن تركت النقل منه لكونه لم يتم، إنما كتب منه قطعة وخشيت من تعبي بعد فراغها في الاسترسال في هذا المهيع، ولذا لم يتكلم البدر العيني بعد تلك القطعة بشيء من ذلك انتهى.

وبالجملة فإن شرحه حافل كامل في معناه لكنه لم ينتشر كانتشار فتح الباري من حياة مؤلفه وهلمّ جرًّا، وكذا شرح مواضع من البخاري الشيخ بدر الدين الزركشي في التنقيح، وللحافظ ابن حجر نكت عليه لم تكمل، وكذا شرح العلاّمة بدر الدين الدماميني وسماه مصابيح الجامع، وقد استوفيت مطالعتها كشرح العيني وابن حجر والبرماوي. وكذا شرح الحافظ الجلال السيوطي فيما بلغني في تعليق لطيف قريب من تنقيح الزركشي سمّاه التوشيح على الجامع الصحيح. وكذا شرح منه شيخ الإسلام أبو زكريا يحيى النووي قطعة من أوّله إلى آخر كتاب الإيمان طالعتها وانتفعت ببركتها، وكذا الحافظ ابن كثير قطعة من أوّله والزين بن رجب الدمشقي ورأيت منه مجلدة. والعلاّمة

السراج البلقيني رأيت منه مجلدة أيضًا. والبدر الزركشي في غير التنقيح مطوّلاً رأيت منه قطعة بخطه، والمجد الشيرازي اللغوي مؤلف القاموس سماه منح الباري بالسيح الفسيح المجاري في شرح البخاري، كمل ربع العبادات منه في عشرين مجلدًا وقدّر تمامه في أربعين مجلدًا. قال التقي الفاسي: لكنه قد ملأه بغرائر المنقولات لا سيما لما اشتهر باليمن مقالة ابن عربي، وغلب ذلك على علماء تلك البلاد، وصار يدخل في شرحه من فتوحاته الكثير ما كان سببًا لشين شرحه عند الطاعنين فيه. وقال الحافظ ابن حجر أنه رأى القطعة التي كملت في حياة مؤلفه قد أكلتها الأرضة بكمالها بحيث لا يقدر على قراءة شيء منها انتهى. وكذا بلغني أن الإمام أبا الفضل النويري خطيب مكة شرح مواضع من البخاري، وكذا العلاّمة محمد بن أحمد بن مرزوق شارح بردة البوصيري وسماه المتجر الربيح والمسعى الرجيح في شرح الجامع الصحيح، ولم يكمل أيضًا. وشرح العارف القدوة عبد الله بن أبي جمرة ما اختصر منه وسماه بهجة النفوس، وقد طالعته والبرهان النعماني إلى أثناء الصلاة، ولم يفِ بما التزمه رحمه الله تعالى وإيّانا. وشيخ المذهب وفقيهه شيخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري السنيكي، والشمس الكوراني مؤدّب السلطان المظفر أبي الفتح محمد بن عثمان فاتح القسطنطينية سماه الكوثر الجاري إلى رياض صحيح البخاري، وهو في مجلدتين، وللعلاّمة شيخ الإسلام جلال الدين البلقيني بيان ما فيه من الإبهام وهو في مجلدة. وصاحبنا الشيخ أبو البقاء الأحمدي أعانه الله تعالى على الإكمال. وشيخنا فقيه المذهب الجلال البكري وأظنه لم يكمل. وكذا صاحبنا الشيخ شمس الدين الدلجي كتب منه قطعة لطيفة. ولابن عبد البر الأجوبة على المسائل المستغربة من البخاري سأله عنها المهلب بن أبي صفرة، وكذا لأبي محمد بن حزم عدة أجوبة عليه، ولابن المنير حواشٍ على ابن بطال، وله أيضًا كلام على التراجم سماه المتواري، وكذا لأبي عبد الله بن رشيد ترجمان التراجم، وللفقيه أبي عبد الله محمد بن منصور بن حمامة المغراوي السجلماسي حل أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة، وهي مائة ترجمة. ولشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015