في باب الاستئذان وغيره.
6902 - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ».
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني سقط ابن عبد الله لأبي ذر قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه (قال: قال أبو القاسم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لو أن امرأً اطّلع عليك) بتشديد الطاء في منزلك (بغير إذن) منك له (فخذفته) بالخاء والذال المعجمتين أي رميته (بحصاة) بين اصبعيك (ففقأت عينه) شققتها (لم يكن عليك جناح) أي حرج، وعند ابن أبي عاصم من وجه آخر عن ابن عيينة بلفظ: ما كان عليك من حرج، وفي مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه. قال في فتح الباري: فيه ردّ على من حمل الجناح هنا على الإثم ورتب على ذلك وجوب الدّية إذ لا يلزم من رفع الإثم رفعها لأن وجوب الدّية من خطاب الوضع ووجه الدلالة أن إثبات
الحل يمنع ثبوت القصاص والدّية، وعند الإمام أحمد وابن أبي عاصم والنسائي وصححه ابن حبان والبيهقي كلهم من رواية بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه من اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقؤوا عينه فلا دية ولا قصاص وهذا صريح في ذلك.
وفي هذا الحديث فوائد كثيرة. واستدلّ به على جواز رمي من يتجسس فلو لم يندفع بالشيء الخفيف جاز بالثقيل وإنه إن أصيبت نفسه أو بعضه فهو هدر، وقال المالكية بالقصاص وإنه يجوز قصد العين ولا غيرها واعتلوا بأن المعصية لا تدفع بالمعصية. وأجاب الجمهور: بأن المأذون فيه إذا ثبت الإذن لا يسمى معصية وإن كان الفعل لو تجرد عن هذا السبب يعدّ معصية، وقد اتفق على جواز دفع الصائل ولو أتى على نفس المدفوع وهو بغير السبب المذكور معصية فهذا يلتحق به مع ثبوت النص فيه وأجابوا عن الحديث بأنه ورد على سبيل التغليظ والإرهاق وهل يشترط الإنذار قبل الرمي؟ الأصح عند الشافعية لا. وفي حكم التطلع من خلل الباب النظر من كوة من الدار، وكذا من وقف في الشارع فنظر إلى حريم غيره ولو رماه بحجر ثقيل أو سهم مثلاً تعلق به القصاص، وفي وجه لا ضمان مطلقًا ولو لم يندفع إلا بذلك جاز.
والحديث سبق في كتاب بدء السلام.
(باب العاقلة) بكسر القاف جمع عاقل وعاقلة الرجل قراباته من قبل الأب وهم عصبته وسموا عاقلة لعقلهم الإبل بفناء دار المستحق، ويقال لتحملهم عن الجاني العقل أي الدّية ويقال لمنعهم عنه والعقل المنع ومنه سمي العقل عقلاً لمنعه من الفواحش وتحمل العاقلة الدّية ثابت بالسنة وأجمع عليه أهل العلم وهو مخالف لظاهر قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164] لكنه خص من عمومها ذلك لما فيه من المصلحة لأن القاتل لو أخذ بالدّية لأوشك أن يأتي على جميع ماله لأن تتابع الخطأ منه لا يؤمن ولو ترك بغير تغريم لأهدر دم المقتول.
6903 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ مَا لَيْسَ فِى الْقُرْآنِ؟ وَقَالَ مَرَّةً: مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ فَقَالَ: وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلاَّ مَا فِى الْقُرْآنِ، إِلاَّ فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِى كِتَابِهِ وَمَا فِى الصَّحِيفَةِ قُلْتُ: وَمَا فِى الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الأَسِيرِ وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ.
وبه قال: (حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي الحافظ قال (أخبرنا ابن عيينة) سفيان الهلالي مولاهم الكوفي أحد الأعلام قال: (حدّثنا مطرف) بضم الميم وفتح الطاء المهملة وكسر الراء
المشددة بعدها فاء ابن طريف الكوفي (قال: سمعت الشعبي) عامر بن شراحيل (قالت سمعت أبا جحيفة) بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وبعد التحتية ساكنة فاء فهاء تأنيث وهب بن عبد الله السوائي (قال: سألت عليًّا) هو ابن أبي طالب (-رضي الله عنه- هل عندكم) أهل البيت النبويّ أو الميم للتعظيم (شيء ما) ولأبي ذر مما (ليس في القرآن؟ وقال) أبي سفيان (مرة ما ليس عند الناس) خصكم به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقال) علي -رضي الله عنه- (و) الله (الذي فلق الحب) ولأبي ذر الحبة أي شقها (وبرأ النسمة) خلق الإنسان (ما عندنا) شيء (إلا ما في القرآن إلا فهمًا يعطى) بضم التحتية وفتح الطاء (رجل في كتابه) تعالى، والاستثناء منقطع أي لكن الفهم عندنا هو الذي أعطيه الرجل في القرآن والفهم بسكون الهاء ما يفهم من فحوى كلامه تعالى ويستدركه من باطن معانيه التي هي الظاهر من نصه، وفي رواية الحميدي إلا