دكين قال: (حدّثنا سعيد بن عبيد) أبو الهذيل الطائي الكوفي (عن بشير بن يسار) بضم الموحدة وفتح المعجمة وشار بالتحتية وتخفيف المهملة المدني أنه (زعم أن رجلاً) أي قال إن رجلاً (من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة وهو كما قال المزي سهل بن عبد الله بن أبي حثمة واسم أبي حثمة عامر بن ساعدة الأنصاري وعند مسلم من طريق ابن نمير عن سعيد بن بشير عن سهل بن أبي حثمة الأنصاري أنه (أخبره أن نفرًا من قومه) اسم جمع يقع على جماعة الرجال خاصة من الثلاثة إلى العشرة لا واحد له من لفظه، والمراد بهم هنا محيصة بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية المكسورة بعدها صاد مهملة وأخوه حويصة بضم الحاء المهملة وفتح الواو وتشديد التحتية المكسورة بعدها صاد مهملة ولدًا مسعود وعبد الله وعبد الرحمن ولدا سهل (انطلقوا إلى خيبر) وفي رواية ابن إسحاق عند ابن أبي عاصم فخرج عبد الله بن سهل في أصحاب له يمتارون تمرًا. زاد سليمان بن بلال عند مسلم في زمن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي يومئذٍ صلح وأهلها يهود الحديث والمراد أن ذلك وقع بعد فتحها (فتفرّقوا فيها ووجدوا) بالواو ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فوجدوا (أحدهم قتيلاً) هو عبد الله بن سهل وفي رواية بشر بن المفضل السابقة في الجزية فأتي محيصة إلى عبد الله بن
سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً فدفنه (وقالوا) أي النفر (للذي) أي لأهل خيبر الذين (وجد) بضم الواو وكسر الجيم (فيهم) عبد الله بن سهل قتيلاً: (قتلتم) ولأبي ذر عن الحموي قد قتلتم (صاحبنا) وقوله للذي بحذف النون فهو كقوله تعالى: {وخضتم كالذي خاضوا} [التوبة: 69] (قالوا) أي أهل خيبر: (ما قتلنا) صاحبكم (ولا علمنا قاتلاً) له (فانطلقوا) أي عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود (إلى النبي) ولأبي ذر رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا: يا رسول الله انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا) فيها (قتيلاً) وفي الأحكام وأقبل أي محيصة هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل فذهب ليتكلم وهو الذي كان بخيبر وفي رواية يحيى بن سعيد فبدأ عبد الرحمن يتكلم وكان أصغر القوم وزاد حماد بن زيد عن يحيى عند مسلم في أمر أخيه (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(الكبر الكبر) بضم الكاف وسكون الموحدة والنصب فيهما على الإغراء وفي رواية الليث عند مسلم فسكت وتكلم صاحباه وتكرير الكبر للتأكيد أي ليبدأ الأكبر بالكلام أو قدموا الأكبر إرشادًا إلى الأدب في تقديم الأسن وحقيقة الدعوى إنما هي لعبد الرحمن أخي القتيل لاحق فيها لابني عمه، وإنما أمر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يتكلم الأكبر وهو حويصة لأنه لم يكن المراد بكلامه حقيقة الدعوى بل سماع صورة القصة وعند الدعوى يدّعي المستحق أو المعنى ليكن الكبير وكيلاً له (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لهم) أي للثلاثة: (تأتون) بفتح النون من غير تحتية ولأبي ذر عن المستملي تأتوني (بالبينة على من قتله قالوا: ما لنا بيّنة). وعند النسائي من طريق عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه وإن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلاً على أبواب خيبر فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في: "أقم شاهدين على قتله أدفعه إليك برمته" قال: يا رسول الله إني أصيب شاهدين وإنما أصبح قتيلاً على أبوابهم، وقول بعضهم إن ذكر البيّنة وهم لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد علم أن خيبر حينئذٍ لم يكن بها أحد من المسلمين أجيب عنه بأنه وإن سلم أنه لم يسكن مع اليهود فيها من المسلمين أحد لكن في القصة أن جماعة من المسلمين خرجوا يمتارون تمرًا فيجوز أن تكون طائفة أخرى خرجوا لمثل ذلك.
فإن قلت: كيف عرضت اليمين على الثلاثة والوارث هو عبد الرحمن خاصة واليمين عليه؟ أجيب: بأنه إنما أطلق الجواب لأنه غير ملبس أن المراد به الوارث فكما سمع كلام الجميع في صورة القتل وكيفيته كذلك أجابهم الجميع.
(قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فيحلفون) أي اليهود أنهم ما قتلوه وفي رواية ابن عيينة عن يحيى تبرئكم يهود بخمسين يحلفون