في شرح المشكاة: الظاهر أن يشهد حال جيء به مقيدًا للموصوف مع صفته إشعارًا بأن الشهادة هي العمدة في حقن الدم (إلا بإحدى) خصال (ثلاث): وحرف الجر متعلق بحال والتقدير إلا متلبسًا بفعل إحدى ثلاث فيكون الاستثناء مفرغًا لعمل ما قبل إلا فيما بعدها ثم إن المستثنى منه يحتمل أن يكون من الدم فيكون التقدير لا يحل دم امرئ مسلم إلا دمه متلبسًا بإحدى الثلاث ويحتمل أن يكون الاستثناء من امرئ فيكون التقدير لا يحل دم امرئ مسلم إلا أمرًا متلبسًا بإحدى ثلاث خصال فمتلبسًا حال من امرئ وجاز لأنه وصف (النفس بالنفس) بالجر والرفع فيحل قتلها قصاصًا بالنفس التي قتلتها عدوانًا وظلمًا وهو مخصوص بولي الدم لا يحل قتله لأحد سواه فلو قتله غيره لزمه القصاص والباء في بالنفس للمقابلة (والثيب) أي المحصن المكلف الحر ويطلق الثيب على الرجل والمرأة بشرط التزوّج والدخول (الزاني) يحل قتله بالرجم فلو قتله مسلم غير الإمام فالأظهر عند الشافعية لا قصاص على قاتله لإباحة دمه
والزاني بالياء على الأصل ويروى بحذفها اكتفاء بالكسر كقوله تعالى: {الكبير المتعال} [الرعد: 9] (والمارق) الخارج (من الدين) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني والمفارق لدينه التارك له (التارك الجماعة) من المسلمين، ولأبي ذر وابن عساكر: للجماعة بلام الجر، وفي شرح المشكاة: والتارك للجماعة صفة مؤكدة للمارق أي الذي ترك جماعة المسلمين وخرج من جملتهم وانفرد عن زمرتهم، واستدلّ بهذا الحديث على أن تارك الصلاة لا يقتل بتركها لكونه ليس من الأمور الثلاثة وقد اختلف فيه والجمهور على أنه يقتل حدًّا لا كفرًا بعد الاستتابة "فإن تاب وإلاّ قتل". وقال أحمد وبعض المالكية وابن خزيمة من الشافعية: إنه يكفر بذلك ولو لم يجحد وجوبها، وقال الحنفية: لا يكفر ولا يقتل لحديث عبادة عند أصحاب السنن وصححه ابن حبان مرفوعًا: خمس صلوات كتبهن الله على العباد الحديث. وفيه: ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذّبه وإن شاء أدخله الجنة والكافر لا يدخل الجنة. وتمسك الإمام أحمد بظواهر أحاديث وردت في تكفيره وحملها من خالفه على المستحل جمعًا بين الأخبار واستثنى بعضهم مع الثلاثة قتل الصائل فإنه يجوز قتله للدفع.
والحديث أخرجه مسلم وأبو داود في الحدود والترمذي في الدّيات والنسائي في المحاربة.
(باب من أقاد) أي اقتص (بالحجر).
6879 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا، فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ فَجِىءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِهَا رَمَقٌ فَقَالَ: «أَقَتَلَكِ فُلاَنٌ؟» فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لاَ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لاَ، ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ، فَقَتَلَهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَجَرَيْنِ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة بندار قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) غندر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن هشام بن زيد عن) جده (أنس -رضي الله عنه- أن يهوديًّا) لم يسم (قتل جارية على أوضاح) بضاد محجمة وحاء مهملة حلي من فضة (لها فقتلها بحجر فجيء بها إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبها رمق) بعض الحياة (فقال) لها:
(أقتلك) بهمزة الاستفهام أي فلان وأسقطه للعلم به. نعم ثبت في اليونينية (فأشارت برأسها أن لا) بنون بدل الياء وكلاهما يجيء لتفسير سابقه والمراد أنها أشارت إشارة مفهمة يستفاد منها لو نطقت لقالت لا (ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (الثانية) ولأبي ذر وابن عساكر في الثانية أي أقتلك فلان (فأشارت برأسها أن لا ثم سألها) س (الثالثة فأشارت برأسها) إشارة مفهمة (إن نعم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أي نعم بالتحتية بدل النون وكلاهما كما مر تفسير لما قبله والباء في برأسها في الثلاثة
باء الآلة (فقتله) فأمر بقتله بعد اعترافه (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فقتل (بحجرين) وفي الباب السابق بين الحجرين.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (من قتل) بضم الأول وكسر الثاني (له قتيل) قال في الكواكب فإن قلت: الحي يقتل لا القتيل لأن قتل القتيل محال؟ وأجاب: بأن المراد القتيل بهذا القتل لا بقتل سابق قال ومثله يذكر في علم الكلام على سبيل المغلطة قالوا: لا يمكن إيجاد موجود لأن الموجود إما يوجده في حال وجوده فهو تحصيل الحاصل وأما حال العدم فهو جمع بين النقيضين فيجاب