-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(اجتنبوا السبع الموبقات) بضم الميم وسكون الواو وكسر الموحدة بعدها قاف فألف ففوقية المهلكات وسميت بذلك لأنها سبب لإهلاك مرتكبها قاله المهلب والمراد بها الكبائر (قالوا: يا رسول الله وما هن؟) الموبقات (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هن (الشرك بالله) بأن تتخذ معه إلهًا غيره (والسحر) بكسر السين وسكون المهملتين وهو أمر خارق للعادة صادر عن نفس شريرة والذي عليه الجمهور أن له حقيقة تؤثر بحيث تغير المزاج (وقتل النفسى التي حرم الله) قتلها (إلا بالحق) كالقصاص والقتل على الردة والرجم (وأكل الربا) وهو في اللغة الزيادة (وأكل مال اليتيم) بغير حق (والتولي يوم الزحف) أي الإعراض والفرار يوم القتال في الجهاد (وقذف المحصنات) بفتح الصاد جمع محصنة مفعولة أي التي أحصنها الله من الزنا وبكسرها اسم فاعلة أي التي حفظت فرجها من الزنا (المؤمنات) فخرج الكافرات (الغافلات) بالغين المعجمة والفاء كناية عن البريئات لأن البريء غافل عما بهت به من الزنا والتنصيص على عدد لا ينفي غيره، إذ ورد في أحاديث أخر كاليمين الفاجرة

وعقوق الوالدين والإلحاد في المحرم والتعرب بعد الهجرة وشرب الخمر وقول الزور والغلول والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله والسرقة وترك التنزه. من البول وشتم أبي بكر وعمر والنميمة ونكث العهد والصفقة وفراق الجماعة.

واختلف في حدّ الكبيرة فقيل: كل ما أوجب الحد من المعاصي، وقيل: ما توعد عليه بنص الكتاب أو السنة. وقال الشيخ عز الدّين بن عبد السلام: لم أقف على ضابط للكبيرة يعني يسلم من الاعتراض والأولى ضبطها بما يشعر بتهاون مرتكبها إشعار أصغر الكبائر المنصوص عليها. قال: وضبطها بعضهم بكل ذنب قرن به وعيد أو لعن، وقال ابن الصلاح: لها أمارات منها إيجاب الحد، ومنها الإيعاد عليها بالعذاب بالنار ونحوها في الكتاب والسنة، ومنها وصف فاعلها بالفسق، ومنها اللعن. وقال أبو العباس القرطبي: كل ذنب أطلق عليه بنص كتاب أو سنة أو إجماع أنه كبيرة أو عظيم أو أخبر فيه بشدة العقاب أو علق عليه الحد أو شدة النكير عليه فهو كبيرة. وقال ابن عبد السلام أيضًا: إذا أردت معرفة الفرق بين الصغائر والكبائر فأعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها فإن نقصت عن أقل مفاسد الكبائر فهي من الصغائر وإن ساوت أدنى مفاسد الكبائر فهي من الكبائر، فحكم القاضي بغير الحق كبيرة فإن شاهد الزور متسبب متوسل فإذا جعل السبب كبيرة فالمباشرة أكبر من تلك الكبيرة، فلو شهد اثنان بالزور على قتل موجب للقصاص فسلمه الحاكم إلى الوليّ فقتله وكلهم عالمون بأنهم باطلون فشهادة الزور كبيرة والحكم بها أكبر منها ومباشرة القتل أكبر من الحكم.

وحديث الباب سبق في الوصايا والطب.

45 - باب قَذْفِ الْعَبِيدِ

(باب) حكم (قذف العبيد) الأرقاء والإضافة فيه إلى المفعول وطوي ذكر الفاعل أو إلى الفاعل.

6858 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهْوَ بَرِىءٌ مِمَّا قَالَ: جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ».

وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن فضيل بن غزوان) بضم الفاء وفتح المعجمة في الأوّل وبفتح المعجمة وسكون الزاي وبعد الواو المفتوحة ألف فنون في الثاني الضبي مولاهم (عن ابن أبي نعم) بضم النون وسكون العين المهملة عبد الرحمن البجلي الزاهد (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: سمعت أبا القاسم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(من قذف مملوكه) وعند الإسماعيلي من قذف عبده بشيء (وهو) أي والحال أنه (بريء مما

قال) سيده عنه (جلد) السيد (يوم القيامة) يوم الجزاء عند زوال ملك السيد المجازي وانفراد الباري تعالى بالملك الحقيقي والتكافؤ في الحدود ولا مفاضلة حينئذٍ إلا بالتقوى (إلا أن يكون) المملوك (كما قال) السيد عنه فلا يجلد، وعند النسائي من حديث ابن عمر: من قذف مملوكه كان لله في ظهره حدّ يوم القيامة إن شاء أخذه إن شاء عفا عنه، وظاهره أنه لا حدّ على السيد في الدنيا إذ لو وجب عليه لذكره.

وهذا الحديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015