زنيا فقامت عليهما البيّنة رجما وإن كانت المرأة حبلى تربّص بها حتى تضع ما في بطنها. وعند أبي داود من حديث جابر: إنا نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما. زاد البزار من هذا الوجه فإن وجدوا الرجل مع المرأة في بيت أو في ثوب أو على بطها فهي ريبة وفيها عقوبة (قالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم) وفي رواية البزار قال يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فما منعكم أن ترجموهما؟ قالوا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل، وفي حديث البراء نجد الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحدّ فقلنا تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم (فأمر بهما) بالزانيين (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرجما) قال ابن عمر (فرأيت الرجل يحني) بفتح التحتية وسكون الحاء المهملة وكسر النون بعدها تحتية والرؤية بصرية فيكون يحني في موضع الحال وقوله (على المرأة) يتعلق به أي يعطف عليها (يقيها الحجارة) يحتمل أن تكون الجملة بدلاً من يحني أو حالاً أخرى وأل في الحجارة للعهد أي حجارة الرمي، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني: يجنأ بجيم بدل الحاء المهملة وفتح النون بعدها همزة. قال ابن دقيق العيد: إنه الراجح في الرواية أي

أكبّ عليها. وغرض المؤلّف أن الإسلام ليس شرطًا في الإحصان وإلاّ لم يرجم اليهوديين، وإليه ذهب الشافعي وأحمد. وقال المالكية ومعظم الحنفية: شرط الإحصان الإسلام وأجابوا عن حديث الباب بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإنما رجمهما بحكم التوراة وليس هو من حكم الإسلام في شيء وإنما هو من باب تنفيذ الحكم عليهم بما في كتابهم فإن في التوراة الرجم على المحصن وغير المحصن. وأجيب: بأنه كيف يحكم عليهم بما لم يكن في شرعه مع قوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: 49] وفي قولهم وإن في التوراة الرجم على من لم يحصن نظر لما تقدم من رواية المحصن والمحصنة الخ ... ويؤيده أن الرجم جاء ناسخًا للجلد كما تقدم تقريره ولم يقل أحد أن الرجم شرع ثم نسخ بالجلد، وإذا كان أصل الرجم باقيًا منذ شرع فما حكم عليهما بالرجم بمجرد حكم التوراة بل يشرعه الذي استمر حكم التوراة عليه.

والحديث سبق في باب علامات النبوة.

38 - باب إِذَا رَمَى امْرَأَتَهُ أَوِ امْرَأَةَ غَيْرِهِ بِالزِّنَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ هَلْ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا فَيَسْأَلَهَا عَمَّا رُمِيَتْ بِهِ؟

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا رمى) الرجل (امرأته وامرأة غيره بالزنا عند الحاكم و) عند (الناس) كان يقول: امرأتي أو امرأة فلان زنت (هل على الحاكم أن يبعث إليها) أي إلى المرأة المرمية بالزنا (فيسألها عما رميت به) من الزنا وجواب الاستفهام محذوف لم يذكره اكتفاء بما في الحديث تقديره فيه خلاف والجمهور على أن ذلك بحسب ما يراه الحاكم.

6842 - 6843 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَحَدُهُمَا: اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَقَالَ الآخَرُ وَهْوَ أَفْقَهُهُمَا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِى أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ: «تَكَلَّمْ» قَالَ: إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا -قَالَ: مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ: الأَجِيرُ- فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِى ثُمَّ إِنِّى سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِى أَنَّ مَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ» وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا وَأَمَرَ أُنَيْسًا الأَسْلَمِىَّ أَنْ يَأْتِىَ امْرَأَةَ الآخَرِ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) إمام الأئمة، (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد) الجهني -رضي الله عنهما- (أنهما أخبراه أن رجلين) أي يسميا (اختصما إلى

رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال أحدها): يا رسول الله (اقض بيننا بكتاب الله) بحكم الله الذي قضى به على المكلفين (وقال الآخر وهو أفقههما: أجل) بفتح الهمزة والجيم وتخفيف اللام أي نعم (يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي) ولأبي ذر وأذن لي بإسقاط الياء التي بعد الهمزة (أن أتكلم) استدلّ به على كونه أفقه من الآخر (قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(تكلم قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا -قال مالك والعسيف الأجير- فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لى) ولأبي ذر عن الكشميهني وجارية لي بإسقاط الموحدة، وفي رواية عمرو بن شعيب فسألت من لا يعلم فأخبرني أن على ابنك الرجم فافتديت منه (ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أما) بالتخفيف (و) الله (الذي نفسي بيده لأقضين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015