بنكاح الإماء ومنعهم عن الاستنكاف عنه ويؤيده ({بعضكم من بعض}) أي أنتم وأرقاؤكم متناسبون نسبكم من آدم ودينكم الإسلام ({فانكحوهن بإذن أهلهن}) أي أربابهن واعتبار إذنهنّ مطلقًا لا إشعار له على أن لهنّ أن يباشرن العقد بأنفسهن حتى يحتج به الحنفية فالسيد هو ولي أمته لا تزوّج إلا بإذنه وكذلك هو ولي عبده ليس له أن يتزوّج بغير إذنه كما في الحديث: أيما عبد تزوّج بغير إذن مواليه فهو مجاهر أي زان. وفي الحديث أيضًا: لا تزوّج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها ({وأتوهن أجورهن بالمعروف}) وأدوا إليهنّ
مهورهن بغير مطل وضرار وملاك مهورهنّ مواليهنّ فكان أداؤها إليهنّ أداء إلى الموالي لأنهنّ وما في أيديهنّ مال الموالي إذ التقدير فآتوا مواليهنّ فحذف المضاف ({محصنات}) عفائف حال من المفعول في وآتوهن ({غير مسافحات}) زوان علانية ({ولا متخذات أخدان}) زوان سرًّا والأخدان الأخلاء في السر ({فإذا أحصنّ}) بالتزويج ({فإن أتين بفاحشة}) زنا ({فعليهنّ نصف ما على المحصنات}) الحرائر ({من العذاب}) من الحدّ وهو يدل على أن حدّ العبد نصف حدّ الحرّ وأنه لا يرجم لأن الرجم لا يتنصف ({ذلك}) أي نكاح الإماء ({لمن خشي العنت منكم}) لمن خاف الإثم الذي يؤدي إليه غلبة الشهوة ({وإن تصبروا}) أي وصبركم عن نكاح الإماء متعففين ({خير لكم والله غفور}) لمن يصبر ({رحيم}) [النساء: 25] بأن رخص له وسقط لأبي ذر من قوله: ({المؤمنات}) إلى آخره وقال بعد: ({المحصنات}) الآية، وسقط أيضًا للأصيلي من قوله: ({والله أعلم}) إلخ وقال بعد قوله: ({من فتياتكم المؤمنات}) إلى قوله: ({وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم}) وزاد أبو ذر عن المستملي غير مسافحات زواني ولا متخذات أخدان أخلاء، وسبق ولم يذكر في هذا الباب حديثًا كما صرح به الإسماعيلي بل اقتصر على الآية اكتفاء بها عن الحديث المرفوع، نعم أدخل ابن بطال فيه حديث أبي هريرة التالي لهذا الباب.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا زنت الأمة) ما حكمها؟ وسقط الباب والترجمة للأصيلي وعليه شرح ابن بطال كما مرّ.
6837 - 6838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ قَالَ: «إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ».
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لاَ أَدْرِى بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي الدمشقي الأصل قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) ولأبي ذر زيادة ابن عتبة (عن أبي هريرة وزيد بن خالد) الجهني (-رضي الله عنهما- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سئل عن الأمة إذا زنت) تحدّ أم لا. (ولم تحصن) بفتح الصاد في محل الحال من فاعل زنت وصحبت الواو على المختار عندهم وقد جاءت بغير واو في قوله تعالى: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء} [آل عمران: 174] وسئل مبني لما لم يسم فاعله وسئل يتعدى بعن وتقييد حدها بالإحصان ليس بقيد وإنما هو حكاية حال والمراد بالإحصان هنا ما هي عليه من عفة وحرية لا الإحصان بالتزويج لأن حدّها الجلد سواء تزوّجت أم لا (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(إذا) ولأبي الوقت: إن (زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها) إنما أعاد الزنا في الجواب غير مقيد بالإحصان للتنبيه على أنه لا أثر له، وأن الموجب في الأمة مطلق الزنا والخطاب في فاجلدوها لملاك الأمة فيدل على أن السيد يقيم على عبده وأمته الحدّ ويسمع البيّنة عليهما، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد والجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم خلافًا لأبي حنيفة في آخرين، واستثنى مالك القطع في السرقة لأن في القطع مثلة فلا يؤمن السيد أن يريد أن يمثل بعبده فيخشى أن يتصل الأمر بمن يعتقد أنه يعتق بذلك فيمنع من مباشرته القطع سدًّا للذريعة (ثم بيعوها) وأتى بثم لأن الترتيب مطلوب لمن يريد التمسك بأمته الزانية وأما من يريد بيعها من أول مرة فله ذلك ولو في قوله: (ولو بضفير) شرطية بمعنى أن أي وإن كان بضفير فيتعلق بضفير بخبر كان المقدرة وحذف كان بعد لو هذه كثير، ويجوز أن يكون التقدير ولو تبيعونها بضفير فيتعلق حرف الجر بالفعل والضفير