وسكون الزاي الكوفي (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(لا يزني الزانمي حين يزني وهو مؤمن) إيمانًا كاملاً أو يحمل على المستحل منع العلم بالحرمة في الشرع (ولا يسرق حين يسرق) في يسرق ضمير مستتر مرفوع راجع إلى السارق الدال عليه قوله يسرق بالالتزام لأن يسرق يستلزم سارقًا وحسن ذلك تقدم نظيره وهو لا يزني الزاني وليس يرجع إلى الزاني لفساد المعنى ولأبي ذر ولا يسرق السارق حين يسرق (وهو مؤمن) وسبق في كتاب المظالم عن الفربري أنه قال وجدت بخط أبي جعفر يعني وراق البخاري قال أبو عبد الله البخاري: تفسيره أن ينزع منه يريد نور الإيمان اهـ.
والإيمان هو التصديق بالجنان والإقرار باللسان ونوره الأعمال الصالحة واجتناب المناهي فإذا زنى أو شرب الخمر أو سرق ذهب نوره وبقي في الظلمة فإن تاب رجع إلى الله.
والحدي مرّ في المظالم والحدود وغيرهما.
(باب) حكم (لعين السارق إذا لم يسم) أي لم يعين.
6783 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» قَالَ الأَعْمَشُ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ بَيْضُ الْحَدِيدِ وَالْحَبْلُ، كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْهَا مَا يَسْوَى دَرَاهِمَ. [الحديث 6783 - طرفه في: 6799].
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) قال: (حدثني) بالإفراد (أبي) حفص النخعي الكوفي قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (قال: سمعت أبا صالح) ذكوان الزيات (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده) فيه جواز لعن غير المعين من العصاة لأنه لعن الجنس مطلقًا ويحتمل أن يكون خبرًا ليرتدع من سمعه عن السرقة ويحتمل أن لا يراد به حقيقة اللعن بل التنفير فقط وقال في شرح المشكاة: لعل المراد باللعن هنا الإهانة والخذلان كأنه قيل لما استعمل أعز شيء عنده في أحقر شيء خذله الله حتى قطع (ويسرق الحبل) بالحاء المهملة المفتوحة والموحدة الساكنة (فتقطع يده).
(قال الأعمش) بالسند السابق (كانوا) أي الراوون لهذا الحديث (يرون) بفتح التحتية من الرأي ولأبي ذر بضمها من الظن (أنه بيض الحديد) ولأبي ذر عن الكشميهني بيضة الحديد أي التي تكون على رأس المقاتل (والحبل كانوا يرون) بفتح أوله وضمه ما مر (أنه) أي الحبل المذكور
(منها) أي من الحبال (ما يسوى) بفتح التحتية والواو بينهما سين مهملة ساكنة ولأبي ذر ما يساوي بضم ففتح فألف فكسر (دراهم).
قال في الكواكب: أي ثلاثة كأنه نظر إلى أن أقل الجمع ثلاثة وتعقب الأعمش ابن قتيبة فقال قوله في هذا الحديث أن البيضة بيضة الحديد التي تجعل في الرأس في الحرب، وإن الحبل من حبال السفن تأويل لا يجوز عند من يعرف صحيح كلام العرب لأن كل واحد من هذين يبلغ دنانير كثيرة، وهذا ليس موضع تكثير لما يسرقه السارق ولا من عادة العرب والعجم أن يقولوا قبح الله فلانًا عرض نفسه للضرب في عقد جوهر وتعرض للعقوبة بالغلول في جراب مسك وإنما العادة في مثل هذا أن يقال لعنه الله تعرض لقطع اليد في حبل رث أو في كبة شعر أو رداء خلق وكل ما كان نحو ذلك كان أبلغ اهـ.
وتبعه الخطابي وعبارته تأويل الأعمش هذا غير مطابق للحديث ومخرج الكلام وإنما وجه الحديث وتأويله ذم السرقة وتهجين أمرها وتحذير سوء عاقبتها فيما قل وكثر من المال يقول إن سرقة الشيء اليسير الذي لا قيمة له كالبيضة المذرة والحبل الخلق الذي لا قيمة له إذا تعاطاها فاستمرت به العادة لم ينشب أن يؤديه ذلك إلى سرقة ما فوقهما حتى يبلغ قدر ما تقطع فيه اليد فتقطع يده يقول فليحذر هذا الفعل وليتوقه قبل أن تملكه العادة ويتمرن عليها ليسلم من عاقبته اهـ.
لكن أخرج ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي أنه قطع يد سارق في بيضة حديد ثمنها ربع دينار قال في الفتح: رجاله ثقات مع انقطاعه ولعل هذا مستند التأويل الذي أشار إليه الأعمش: وقال الكرماني: غرض الأعمش أنه لا قطع في الشيء القليل بل النصاب كربع دينار.
والحديث أخرجه مسلم في الحدود والنسائي في