(ولا يسرق حين يسرق) ولأبي ذر ولا يسرق السارق حين يسرق (وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة) بضم النون مالاً منهوبًا جهرًا قهرًا ظلمًا لغيره (يرفع الناس إليه) إلى الناهب (فيها أبصارهم) لا يقدرون على دفعه ولو تضرعوا إليه (وهو مؤمن) أو هو كناية عن عدم التستر بذلك فيكون صفة لازمة للنهب بخلاف السرقة والاختلاس فإنه يكون في خفية والانتهاب أشدّ لما فيه من مزيد الجراءة وعدم المبالاة ولم يذكر الفاعل في الشرب وما بعده ففيه كما قال ابن مالك حذف الفاعل لدلالة الكلام عليه والتقدير: ولا يشرب الشارب الخمر الخ .. ولا يرجع الضمير إلى الزاني لئلا يختص به بل هو عام في كل من شرب، وكذا في الباقي وقد ذكر الفاعل في لا يسرق في رواية أبي ذر كما مرّ.

والحديث أخرجه مسلم في الأشربة وابن ماجة في الفتن.

(وعن ابن شهاب) الزهري بالسند السابق (عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة) بن عبد الرَّحمن بن عوف كلاهما (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمثله) أي بمثل حديث أبي بكرة عن أبي هريرة رضي الله عنه هذا (إلا النهبة) فليست فيه.

2 - باب مَا جَاءَ فِى ضَرْبِ شَارِبِ الْخَمْرِ

(باب ما جاء في ضرب شارب الخمر).

6773 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ح حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَرَبَ فِى الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ. [الحديث 6773 - طرفه في: 6776].

وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة الأزدي الحوضي قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس) -رضي الله عنه- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ح) للتحويل.

قال البخاري بالسند إليه: (وحدّثنا آدم) ولأبي ذر: ابن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا قتادة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضرب) أي أمر بالضرب (في الخمر بالجريد والنعال) الباء في بالجريد باء الآلة والجريد سعف النخل وسمي به لأنه جرد عن الخوص (وجلد) أي أمر بالجلد فيه (أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- في خلافته (أربعين) جلدة، وهذا لفظ طريق هشام عن قتادة وأما لفظ طريق شعبة فأخرجه البيهقي في الخلافيات من طريق جعفر بن محمد القلانسي عن آدم شيخ البخاري فيه بلفظ: إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتي برجل شرب الخمر فضربه بجريدتين نحوًا من أربعين، ثم صنع أبو بكر مثل ذلك فلما كان عمر استشار الناس فقال له عبد الرَّحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون ففعله عمر.

وأخرجه مسلم والنسائي أيضًا من طريق محمد بن جعفر عن شعبة مثل رواية آدم إلا أنه قال: وفعله أبو بكر فلما كان عمر أي في خلافته استشار الناس فقال عبد الرَّحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون، وأمر به عمر ولم يقل عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعين، نعم في رواية مسلم أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين، وقوله في الرواية السابقة: نحوًا من أربعين قيل لا بدّ من تأويله بأنه إنما عبر بنحو لعدم التساوي في الضرب والآلة، وإلاّ فالحدود إنما تكون محدودة وكون الراوي حاكيًا ذلك عن واقعة لا يلزم منه أن يكون تقريبًا بل تحديدًا وإن كان الراوي لم يحرر التحديد فيه فغايته أن يكون أربعين فوجب القول بأنها الحد، لا سيما وانضم إليها رواية مسلم السابقة ونحوها مما فيه الجزم بالأربعين ونحو قد تأتي بمعنى مثل، وفي مسلم أيضًا من طريق معاذ بن هشام عن أبيه ثم جلد أبو بكر أربعين فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال: ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرَّحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخف الحدود قال: فجلد عمر ثمانين والريف بكسر الراء كل أرض فيها زرع ونخل أو ما قارب المياه من أرض العرب وغيرها، أو ما فيه زرع وخصب أو هو الخصب والسعة في المأكل والمشرب، وعند النسائي من طريق يزيد بن هارون عن شعبة فضربه بالنعال نحوًا من أربعين ثم أتى به أبو بكر فصنع به مثل ذلك، ورواه همام عن قتادة بلفظ. فأمر قريبًا من عشرين رجلاً فجلده كل رجل جلدتين بالجريد أخرجه أحمد والبيهقي.

قال في الفتح: وبهذا يجمع بين ما اختلف فيه على شعبة وأن جملة الضربات كانت نحو أربعين بجريدتين فتكون الجملة ثمانين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015