الغفاري (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه) وانتسب لغيره (فهو كفر) ولأبي ذر عن الكشميهني فقد كفر أي كفر النعمة، فليس المراد الكفر الذي يستحق عليه الخلود في النار بل كفر حق أبيه أي ستر حقه أو المراد التغليظ والتشنيع عليه إعظامًا لذلك، وإلاّ فكل حق شرعي إذا ستر فستره كفر ولم يعبر في كل ستر على حق بهذا اللفظ، وإنما عبّر به في المواضع التي يقصد فيها الذم البليغ وتعظيم الحق الستور.

والحديث سبق في مناقب قريش.

30 - باب إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ ابْنًا

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا ادعت المرأة ابنًا) بتشديد الدال المهملة من ادعت.

6769 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ وَقَالَتِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ: ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ، إِلاَّ يَوْمَئِذٍ وَمَا كُنَّا نَقُولُ: إِلاَّ الْمُدْيَةَ.

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن) عبد الرَّحمن بن هرمز (الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(كانت امرأتان) أي يسميا (معهما ابناهما) أي يسميا أيضًا (جاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت لصاحبتها إنما ذهب) الذئب (بابنك وقالت) ولأبي ذر فقالت (الأخرى إنما ذهب بابنك فتحاكما) أي المرأتان وذكر باعتبار الشخصين ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فتحاكمتا (إلى داود عليه السلام فقضى به) بالولد الباقي (للكبرى) للمرأة الكبرى منهما لكونه كان في يدها وعجزت عن إقامة البيّنة (فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه) بالقصة (فقال: ائتوني بالسكين) بكسر السين وسميت سكينًا لأنها تسكن حركة الحيوان (أشقه) أي الولد (بينهما) نصفين، وفي سنن النسائي الكبرى فقالت الكبرى نعم اقطعوه (فقالت الصغرى) منهما له (لا تفعل) ذلك (يرحمك الله هو ابنها) أي ابن الكبرى (فقضى به للصغرى) لجزعها الدال على عظيم شفقتها، ولم يعمل بإقرارها بأنه لصاحبتها. واستشكل نقض سليمان حكم أبيه داود. وأجيب: بأنهما حكما بالوحي وحكم سليمان كان ناسخًا أو كان بالاجتهاد، وجاز النقض لدليل أقوى، وتعقب الأول بأن سليمان حينئذ لم يكن يوحى إليه إذ كان عمره حينئذ إحدى عشرة سنة.

(قال أبو هريرة) -رضي الله عنه- بالسند السابق: (والله إن سمعت) بكسر الهمزة أي ما سمعت (بالسكين قط إلا يومئذ وما كنا نقول إلاّ المدية) بضم الميم وتكسر وتفتح وقيل لها مدية لأنها تقطع مدى حياة الحيوان.

والحديث سبق في ترجمة سليمان من أحاديث الأنبياء.

31 - باب الْقَائِفِ

(باب) حكم (القائف) بالقاف وآخره فاء وهو الذي يعرف الشبه ويميز الأثر.

6770 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَىَّ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ: «أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ».

وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء قال: (حدّثنا الليث) بن سعد إمام المصريين (عن ابن شهاب) محمد الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل عليّ) بتشديد الياء البيت حال كونه (مسرورًا) حال كونه (تبرق) تضيء وتستنير من السرور (أسارير وجهه) وهي الخطوط التي في الجبهة واحدها سر وسرر وجمعها أسرار وأسرة وجمع الجمع أسارير (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(ألم تري) حرف جزم ومعه همزة التقرير وتري مجزوم به بحذف النون والرؤية علمية وسدت إن في قوله (أن مجززًا) مسدّ مفعوليها ولذا فتحت أن ومجززًا بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي الأولى المشددة وتفتح اسم إن وسمي مجززًا لأنه كان يجز ناصية الأسير في زمن الجاهلية ويطلقه وهو ابن الأعور بن جعدة المدلجي (نظر آنفًا) خبر إن وآنفًا بالمدّ ويقصر زمان أي الساعة (إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: إن هذه الأقدام عضها من) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لمن (بعض) أي لكائنة من بعض أو مخلوقة من بعض كقوله تعالى: {بعضكم من بعض} [النساء: 25] أي مخلوقون من بعض وسبب سروره عليه الصلاة والسلام أن الجاهلية كانت تقدح في نسب أسامة لكونه أسود شديد السواد لكون أمه كانت سوداء وزيد أبيض من القطن، فلما قال مجزز ما قال مع اختلاف اللون سر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015