لما اتخذ عروسًا ولأبي ذر عن الكشميهني عرّس بتشديد الراء من غير همز (فدعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي وأصحابه (لعرس فكانت العروس) أي الزوجة (خادمهم) بغير مثناة فوقية يطلق على الذكر والأنثى والعروس هي أم أسيد بنت وهب بن سلامة (فقال سهل) الساعدي (للقوم) الذين حدثهم: (هل تدرون ما سقته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولأبي ذر عن الكشميهني ماذا سقته (قال: أنقعت له تمرًا في تور) بفتح المثناة الفوقية إناء من صفر أو حجر (من الليل حتى أصبح عليه فسقته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (إياه) أي نقيع التمر وفيه الرد على بعض الناس لأنه يقتضي تسمية ما قرب عهده بالانتباذ نبيذًا، وإن خلّ شربه فالنقيع في حكم النبيذ الذي لم يبلغ السكر والعصير من العنب الذي بلغ حد السكر في معنى نبيذ التمر الذي بلغ حد السكر، والحاصل أن كل شيء يسمى في العرف نبيذًا يحنث به إلا أن ينوي شيئًا بعينه فيختص به والطلاء يطلق على المطبوخ من عصير العنب، وهذا قد ينعقد فيكون دبسًا وربًا فلا يسمى نبيذًا أصلاً وقد يستمر مائعًا ويسكر كثيره فيسمى في العرف نبيذًا، وكذلك السكر يطلق على العصير قبل أن يتخمر.
والحديث سبق في باب الانتباذ من الأشربة.
6686 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -، عَنْ سَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا ثُمَّ مَا زِلْنَا نَنْبِذُ فِيهِ حَتَّى صَارَتْ شَنًّا.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا إسماعيل عن أبي خالد) سعد أو هرمز البجلي (عن الشعبي) عامر (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن سودة) بنت زمعة بن قيس (زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنها (قالت: ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها) بفتح الميم وسكون السين المهملة جلدها (ثم ما زلنا ننبذ) ننقع (فيه) التمر (حتى صارت) ولأبي ذر صار (شنًّا) بفتح الشين المعجمة وتشديد النون قربة خلقة ولم يكونوا ينبذون إلا ما يحل شربه ومع ذلك كان يطلق عليه اسم النبيذ.
والحديث من إفراده.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا حلف) شخص (أن لا يأتدم فأكل تمرًا بخبز) هل يكون مؤتدمًا فيحنث أم لا (و) باب (ما يكون منه الأدم) بضم الهمزة وسكون المهملة ولغير أبي الوقت من الأدم.
6687 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ بِهَذَا.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) أبو أحمد البخاري البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عبد الرَّحمن بن عابس) بموحدة مكسورة وسين مهملة (عن أبيه) عابس بن ربيعة النخعي (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: ما شبع آل محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من خبز برّ مأدوم) مأكول بالأدم (ثلاثة أيام) متوالية (حتى لحق بالله) أي توفي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قال في الكواكب: فإن قلت: كيف دل الحديث على الترجمة؟ وأجاب: بأنه لما كان التمر غالب الأوقات موجودًا في بيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكانوا شباعى منه علم أنه ليس أكل الخبز به ائتدامًا أو ذكر هذا الحديث في هذا الباب بأدنى ملابسة وهو لفظ المأدوم ولم يذكر غيره لأنه لم يجد حديثًا على شرطه يدل على الترجمة أو يكون من جملة تصرفات النقلة على الوجه الذي ذكروه فهي ثلاثة. وتعقبه في الفتح: بأن الثالث بعيد جدًّا والأول مباين لمراد البخاري والثاني هو المراد لكن
بأن ينضم إليه ما ذكره ابن المنير وهو أنه قال: مقصود البخاري الرد على من زعم أنه لا يقال ائتدم إلا إذا أكل بما اصطبع أي بالصاد والطاء المهملتين والموحدة والغين المعجمة أي ائتدم به قال: ومناسبته لحديث عائشة أن المعلوم أنها أرادت نفي الأدام مطلقًا بقرينة ما هو معروف من شظف عيشهم فدخل فيه التمر وغيره، وتعقبه العيني فقال: لم يبين أي في الفتح المراد ما هو والحديث لا يدل أصلاً على رد الزاعم بهذا لأن لفظ مأدوم أعم من أن يكون الأدام فيه ما يصطبغ به أو لا يصطبغ به.
والحديث مرّ في الأطعمة بأتم من هذا.
(وقال ابن كثير) محمد أبو عبد الله العبدي البصري شيخ المؤلّف (أخبرنا سفيان) الثوري قال: (حدّثنا عبد الرَّحمن عن أبيه) عابس (أنه قال لعائشة) -رضي الله عنها-: (بهذا). وأشار المؤلّف بهذا الحديث