إذا أسلم الصبي فمات هل يصلّى عليه من كتاب الجنائز.

15 - باب {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51]: قَضَى. قَالَ مُجَاهِدٌ: بِفَاتِنِينَ بِمُضِلِّينَ إِلاَّ مَنْ كَتَبَ اللَّهُ أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ {قَدَّرَ فَهَدَى} [الأَعلى: 3] قَدَّرَ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ وَهَدَى الأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه قوله تعالى ({قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}) [التوبة: 51] أي (قضى) لنا من خير أو شر كما قدر في الأزل وكتب في اللوح المحفوظ، ولنا مفيدة معنى الاختصاص كأنه قيل لن يصيبنا إلا ما اختصنًا الله بإثباته وإيجابه. وقال الراغب: عبّر بقوله لنا ولم يعبر بقوله علينا تنبيهًا على أن الذي يصيبنا نعده نعمة لا نقمة.

(قال مجاهد) في تفسير قوله تعالى: {ما أنتم عليه} ({بقانتين}) [الصافات: 162] أي ما أنتم (بمضلين إلا من كتب الله) عليه في السابقة (أنه يصلّى الجحيم) أي يدخل النار وهذا وصله عبد بن حميد بمعناه.

وقال مجاهد أيضًا في تفسير قوله تعالى: {والذي} ({قدر فهدى}) [الأعلى: 3] أي (قدر الشقاء والسعادة وهدى الأنعام لمراتعها) وهذا وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقيل قدر أقواتهم وأرزاقهم وهداهم لمعائهم إن كانوا أناسًا ولمراعيهم إن كانوا وحشًا، وعن ابن عباس والسدي ومقاتل والكلبي في قوله {فهدى} قال: عرف خلقه كيف يأتي الذكر الأنثى كما قال في طه {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} [طه: 50] أي الذكر للأنثى: وقال عطاء: جعل لكل دابة ما يصلحها وهداها له، وقيل: قدر فهدى قدر لكل حيوان ما يصلحه فهداه إليه وعرفه وجه الانتفاع به، يقال: إن الأفعى إذا أتت عليها ألف سنة عميت وقد ألهمها الله تعالى أن مسح العينين بورق الرازيانج الغض يرد إليها بصرها فربما كانت في برية بينها وبين الريف مسيرة أيام فتطوي تلك المسافة على طولها وعماها حتى تهجم في بعض البساتين على الرازيانج لا تخطئها فتحك به عينها فترجع باصرة بإذن الله تعالى وهدايات الإنسان إلى مصالحه من أغذيته وأدويته وأمور دنياه ودينه والهامات البهائم والطيور وهوام الأرض أمر ثابت واسع فسبحان ربي الأعلى وبحمده.

6619 - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الطَّاعُونِ فَقَالَ: «كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً

لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَكُونُ فِى بَلَدٍ يَكُونُ فِيهِ وَيَمْكُثُ فِيهِ لاَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَلَدِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ».

وبه قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه (الحنظلي) بفتح الحاء المهملة والظاء المعجمة بينهما نون ساكنة نسبة إلى حنظلة بن مالك قال: (أخبرنا النضر) بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن شميل بضم الشين المعجمة قال: (حدّثنا داود بن أبي الفرات) بضم الفاء وتخفيف الراء وبعد الألف فوقية المروزي ثم البصري واسم أي الفرات عمرو (عن عبد الله بن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء الأسلمي قاضي مرو (عن يحيى بن يعمر) بفتح التحتية والميم والعين المهملة ساكنة قاضي مرو أيضًا (أن عائشة -رضي الله عنها- أخبرته أنها سألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الطاعون) وهو بثر مؤلمة جدًّا تخرج من الآباط والمراق غالبًا مع اسوداد حواليه وخفقان في القلب (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(كان) أي الطاعون (عذابًا يبعثه الله) عز وجل (على من يشاء) من عباده (فجعله الله رحمة للمؤمنين) أي سبب الرحمة لهم لتضمنه مثل أجر الشهداء (ما من عبد يكون في بلد) بفتح اللام وفي نسخة باليونينية بلدة بسكونها وهاء تأنيث آخره (يكون فيه) في البلد أو فيها (ويمكث فيه) أو فيها (لا) ولأبي ذر عن الكشميهني فلا (يخرج من البلدة) أو البلد حال كونه (صابرًا) على ما يصيبه (محتسبًا) أجره عند الله (يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له) وقدره في الأزل (إلا كان له مثل أجر شهيد) وإن لم يصبه طعن، وهذا هو المراد من الحديث هنا وقد سبق في كتاب الطب.

16 - باب {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِى لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر: 57]

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه قوله تعالى: ({وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}) [الأعراف: 43] اللام في لنهتدي لتوكيد النفي وأن وما في حيزها في محل رفع بالابتداء والخبر محذوف وجواب لولا مدلول عليه بقوله وما كنا تقديره لولا هدايته لنا موجودة لشقينا أو ما كنا مهتدين، وقد دلت على أن المهتدي من هداه الله وأن من لم يهده الله لم يهتد ومذهب المعتزلة أن كل ما فعل الله في حق الأنبياء والأولياء من أنواع الهداية والإرشاد فقد فعله في حق جميع الكفار والفساق، وإنما حصل الامتياز بين المؤمن والكافر والمحق والمبطل بسعي نفسه واختيار نفسه فكان يجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015