بن عبد الرَّحمن عن ابن مسعود أن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله أن يخلق منها بشرًا طارت في جسد المرأة تحت كل ظفر وشعر ثم تمكث أربعين يومًا ثم تنزل دمًا في الرحم. قال في شرح المشكاة: والصحابة أعلم الناس بتفسير ما سمعوه وأحقهم بتأويله وأولاهم بالصدق وأكثرهم احتياطًا فليس لمن بعدهم أن يردّ عليهم اهـ.
وفيه أن ابتداء جمعه من ابتداء الأربعين، وعند أبي عوانة اثنتان وأربعون، وعند الفريابي من طريق محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن الحارث خمسة وأربعين ليلة. (ثم يكون علقة) دمًا غليظًا جامدًا تحوّل من النطفة البيضاء إلى العلقة الحمراء وسمي بذلك للرطوبة التي فيه وتعلقه ما مرّ به (مثل ذلك) الزمان وهو الأربعون (ثم يكون) يصير (مضغة) بضم الميم وسكون المعجمة قطعة لحم قدر ما يمضع (مثل ذلك) الزمان وهو أربعون (ثم) في الطور الرابع حين يتكامل بنيانه وتتشكل أعضاؤه (يبعث الله ملكًا) موكلاً بالرحم، وعند الفريابي من رواية أبي الزبير أتى ملك الأرحام ولأبي ذر عن الكشميهني يبعث بضم أوّله مبنيًّا للمفعول إليه ملك لتصويره وتخليقه وكتابة ما يتعلق به فينفخ فيه الروح كما أمر بذلك، وفي حديث علي عند ابن أبي حاتم إذا تمت النطفة أربعة أشهر بعث الله إليها ملكًا فينفخ فيها الروح وإسناد النفخ إلى الملك مجاز عقلي لأن ذلك من أفعال الله كالخلق (فيؤمر بأربع) بالتذكير، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: بأربعة والمعدود إذا أبهم جاز تذكيره وتأنيثه أي يؤمر بكتابة أربعة أشياء من أحوال الجنين (برزقه) أي غذائه حلالاً أو حرامًا قليلاً أو كثيرًا وكل ما ساقه الله تعالى إليه فيتناول العلم ونحوه (وأجله) طويل أو قصير (وشقي) باعتبار ما يختم له (أو سعيد) كذلك وكل من اللفظين مرفوع مصحح عليه بالفرع كأصله خبر مبتدأ محذوف ويجوز الجر، وتعقب العيني الرفع فقال ليس كذلك لأنه معطوف على المجرور السابق، وقال في شرح المشكاة: كان حق الظاهر أن يقول تكتب سعادته وشقاوته فعدل عن ذلك لأن الكلام مسوق إليهما والتفصيل وارد عليهما.
(فوالله إن أحدكم أو الرجل) بالشك من الراوي (يعمل بعمل أهل النار) من المعاصي والباء
في بعمل زائدة للتأكيد أي يعمل عمل أهل النار أو ضمن معنى يعمل معنى يتلبس أن يتلبس بعمل أهل النار (حتى ما يكون) نصب بحتى وما نافية غير مانعة لها من العمل وجوز بعضهم كون حتى ابتدائية فيكون رفع وهو الذي في اليونينية (بينه وبينها غير باع أو ذراع) برفع غير (فيسبق عليه) ما تضمنه (الكتاب) بفاء التعقيب المقتضية لعدم المهلة وضمن يسبق معنى يغلب وعليه في موضع نصب على الحال أي يسبق المكتوب واقعًا عليه (فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) والمعنى أنه يتعارض عمله في اقتضاء الشقاوة والمكتوب في اقتضاء السعادة فيتحقق مقتضى المكتوب فعبر عن ذلك بالسبق لأن السابق يحصل مراده دون المسبوق (وإن الرجل) ولم يقل وإن أحدكم أو الرجل على الشك كما سبق (ليعمل) بلام التأكيد (بعمل أهل الجنة) من الطاعات (حتى ما يكون بينه وبينها) أي الجنة (غير ذراع) برفع غير (أو ذراعين) ولأبي ذر أو باع بدل ذراعين والباع قدر مد اليدين "فيسبق عليه الكتاب" أي مكتوب الله وهو القضاء الأزلي (فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها قال) ولأبوي ذر والوقت وقال (آدم) بن أبي إياس مما وصله في التوحيد (إلا ذراع) فلم يشك، ولأبي ذر عن المستملي والحموي: إلا باع بدل ذراع والتعبير بالذراع تمثيل بقرب حاله من الموت فيحال بينه وبين المقصود بمقدار ذراع أو باع من المسافة وضابط ذلك الحسي الغرغرة التي جعلت علامة لعدم قبول التوبة، وقد ذكر في هذا الحديث أهل الخير صرفًا إلى الموت لا الذين خلطوا وماتوا على الإسلام فلم يقصد تعميم أحوال المكلفين بل أورده لبيان أن الاعتبار بالخاتمة ختم الله أعمالنا بالصالحات بمنه وكرمه.
وفي مسلم من حديث أبي هريرة: إن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل