وأنا أحدث بهذا الحديث (فقال: هكذا سمعت من سهل) استفهام حذفت منه الأداة. قال أبو حازم: (فقلت) له: (نعم. فقال) النعمان: (أشهد على أبي سعيد الخدري) -رضي الله عنه- وسقط لأبي ذر الخدري (لسمعته) بفتح اللام للتأكيد (وهو يزيد فيها) في هذه المقالة قوله:

(فأقول: إنهم) أي الذين يحال بيني وبينهم (مني) من أمتي (فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) من المعصية الموجبة لبعدهم عنك (فأقول سحقًا سحقًا) بضم السين وسكون الحاء المهملتين وبالقاف والنصب فيهما على المصدر أي بعدًا بعدًا وكررها ثنتين تأكيدًا (لمن غير عدي) أي دينه لأنه لا يقول في العصاة بغير الكفر سحقًا سحقًا بل يشفع لهم ويهتم بأمرهم كما لا يخفى.

(وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم عنه من رواية علي بن أبي طلحة عنه (سحقًا) أي (بعدًا يقال سحيق) أي (بعيد) هو كلام أبي عبيدة في تفسير قوله تعالى {أو تهوي به الريح في مكان سحيق} [الحج: 31] (سحاقه وأسحقه أبعده) وهذا ثابت في رواية الكشميهني وهو من كلام أبي عبيدة أيضًا. قال المؤلّف:

6585 - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِىُّ، حَدَّثَنَا أَبِى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَرِدُ عَلَىَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِى فَيُحَلَّئُونَ عَنِ الْحَوْضِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِى فَيَقُولُ: إِنَّكَ لاَ عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى».

(وقال أحمد بن شبيب بن سعيد): بفتح الشين المعجمة وكسر الموحدة وسكون التحتية بعدها موحدة ثانية (الحبطي) بفتح الحاء المهملة والموحدة وكسر الطاء المهملة نسبة إلى الحبطات من تميم مما وصله أبو عوانة عن أبي زرعة الرازي وأبي الحسن الميموني قالا: حدّثنا أحمد بن شبيب قال: (حدّثنا أبي) شبيب (عن يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سعيد بن المسيب) سيد التابعين (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (أنه كان يحدث أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(يرد عليّ) بتشديد الياء (يوم القيامة رهط) من الرجال ما دون العشرة أو إلى الأربعين (من أصحابي فيجلون) بضم التحتية وسكون الجيم وفتح اللام وسكون الواو أي يصرفون كذا لأبي ذر عن المستملي، وفي رواية الكشميهني فيحلؤون بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام بعدها همزة مضمومة فواو أي يطردون (عن الحوض) وحكى السفاقسي عن بعضهم ضبطه بغير همز قال: وهو في الأصل مهموز فكأنه سهله (فأقول يا رب أصحابي) بالتكبير (فيقول) الله تعالى، ولأبي ذر عن الكشميهني فيقال (إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى) فتح القافين بينهما هاء ساكنة والراء مفتوحة مصدر في موضع نصب على المصدرية من غير لفظه كقولك: قعدت جلوسًا ورجعت القهقرى وهو الرجوع إلى خلف فكأنك رجعت الرجوع الذي يعرف بهذا الاسم.

6586 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِى فَيُحَلَّؤُونَ عَنْهُ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى فَيَقُولُ: إِنَّكَ لاَ عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟

إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى». وَقَالَ شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِىِّ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُجْلَوْنَ، وَقَالَ عُقَيْلٌ: فَيُحَلَّؤُونَ، وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ: عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: (حدّثنا أحمد بن صالح) أبو جعفر المصري المعروف بابن الطبراني كان أبوه من أهل طبرستان قال: (حدّثنا ابن وهب) عبد الله قال: (أخبرني) بالإفراد (يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن ابن المسيب) سعيد (أنه كان يحدث عن أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لم يقل عن أبي هريرة كما في الطريق الأولى وحاصله أن ابن وهب وشبيب بن سعيد اتفقا في روايتهما عن يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب ثم اختلفا فقال: شبيب عن أبي هريرة وقال ابن وهب: عن أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذا لا يضرّ لأن أبا هريرة منهم (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(يرد عليّ) بتشديد الياء (الحوض رجال من أصحابي فيحلؤون) بالحاء المهملة واللام المشددة والهمزة المضمومة بعدها واو يطردون، ولأبي ذر فيجلون بالجيم والواو الساكنتين بينهما لام مفتوحة يصرفون (عنه فأقول يا رب أصحابي فيقول) الله تعالى (إنك) ولأبي ذر عن الكشميهني إنه (لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى). قال ابن الأثير في نهايته القهقرى المشي إلى خلف من غير أن يعيد وجهه إلى جهة مشيه قيل إنه من باب القهر. وقوله: إنهم كانوا يمشون بعدك القهقرى قال: الأزهري معناه الارتداد عما كانوا عليه وقد قهقر وتقهقر والقهقرى مصدر.

(وقال شعيب) وابن أبي حمزة الحمصي مما وصله الذهلي في الزهريات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015