قاله الزين بن المنير (منهم الموبق) بضم الميم وسكون الواو وفتح الموحدة بعدها قاف الهالك (بعلمه) وهو الكافر (ومنهم المخردل) بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة بينهما راء ساكنة وهو المؤمن العاصي.
قال في الفتح: ووقع في رواية الأصيلي هنا المجردل بالجيم والجردلة الإشراف على السقوط، ووهاها القاضي عياض، ورجح ابن قرقول رواية الخاء المعجمة. قال الهروي: المعنى أن كلاليب النار تقطعه فيهوي في النار أو من الخردل أن تجعل أعضاءه كالخردل أو المخردل المصروع، ورجحه السفاقسي وقال: هو أنسب بسياق الخبر.
(ثم ينجو) من ذلك. وعن أبي سعيد مما رواه ابن ماجة مرفوعًا: يوضع الصراط بين ظهراني جهنم على حسك كحسك السعدان ثم يستجيز الناس فناج مسلم ومخدوش به ثم ناج ومحتبس به ومنكوس فيها، وفي حديث أي سعيد فناج مسلم ومخدوش مكدوس في جهنم حتى يمر آخرهم فيسحب سحبًا والمكدوس بالمهملة في مسلم وروي بالمعجمة ومعناه السوق الشديد ويؤخذ منه كما في بهجة النفوس أي المارين على الصراط ثلاثة أصناف: ناج بلا خدش، وهالك من أوّل وهلة، ومتوسط بينهما يصاب ثم ينجو، وكل قسم منهما ينقسم أقسامًا كما يعرف من قوله بقدر أعمالهم، وفيه مما ذكره في بهجة النفوس أن الصراط مع دقته وحدّته يسع جميع المخلوقين منذ آدم إلى قيام الساعة (حتى إذا فرغ الله) عز وجل (من القضاء بين عباده) أي حل قضاؤه بهم (وأراد أن يخرج) بضم أوله وكسر ثانيه (من النار من أراد أن يخرج) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أن يخرجه (ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله) وأن محمدًا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويدخله الجنة بشفاعة نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في حديث عمران بن الحصين السابق، أو إبراهيم كما في حديث حذيفة عند البيهقي، وأبي عوانة وابن حبان أو آدم كما في حديث عبد الله بن سلام عند الحاكم أو المؤمنين كما في حديث أبي سعيد في التوحيد ويجمع بأنهم كلهم شفعوا.
وفي حديث أبي بكرة عند ابن أبي عاصم والبيهقي مرفوعًا: يحمل الناس على الصراط ثم ينجي الله من يشاء برحمته ثم يؤذن في الشفاعة للملائكة والنبيين والشهداء والصالحين فيشفعون ويخرجون (أمر) الله تعالى (الملائكة أن يخرجوهم) من النار (فيعرفونهم بعلامة آثار السجود) بجمع آثار (وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود) بتوحيد أثر وهذا جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل كيف تعرف الملائكة أثر السجود مع قول أبي سعيد عند مسلم فأماتهم الله حتى إذا كانوا فحمًا أذن بالشفاعة فإذا صاروا فحمًا كيف يتميز على السجود من غيره حتى يعرف أثره وحاصل الجواب تخصيص أعضاء السجود من عموم الأعضاء التي دل عليها خبر أبي سعيد وأن الله منع النار أن تحرق أثر السجود، وهل المراد أعضاء السجود السبعة الجبهة واليدان والركبتان
والقدمان أو الجبهة خاصة. قال النووي: المختار الأول واستنبط صاحب بهجة النفوس منه أن كل من كان مسلمًا ولكنه لا يصلّي لا يخرج إذ لا علامة له، ولكنه يحتمل أن يخرج في القبضة لعموم قوله لم يعمل خيرًا قط كما في حديث أبي سعيد في التوحيد وفي حديث معبد عن الحسن البصري عن أنس في التوحيد فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله. قال: ليس ذلك لك، ولكن وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي وجبروتي لأخرجن من قال: لا إله إلا الله. قال البيضاوي: أي أنا أفعل ذلك تعظيمًا لاسمي وإجلالاً لتوحيدي وهو مخصص لعموم حديث أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله، وحمله في الفتح على أن المراد ليس لك مباشرة الإخراج لا أصل الشفاعة وتكون هذه الشفاعة الأخيرة وقعت في إخراج المذكورين. فأجيب إلى أصل الإخراج ومنع من مباشرته فنسبت إلى شفاعته (فيخرجونهم) من النار حال كونهم (قد امتحشوا) بضم الفوقية وكسر المهملة وضم المعجمة في الفرع قال