فقاف مكسورة فتحتية ساكنة كذا في الفرع مصلحة على كشط، ولأبي ذر في هامشه كأصله أرقبه براء ساكنة بعد همزة مفتوحة وبعد القاف موحدة ولم يرقم عليه في اليونينية، وفي الفتح أتقيه بمثناة فوقية مشددة وقاف مكسورة كذا للنسفي وطائفة. وقال الخطابي: أي أرتقبه. وفي رواية أتنقبه بتخفيف النون وتشديد القاف ثم موحدة من التنقيب وهو التفتيش، وفي رواية القابسي أبغيه بموحدة ساكنة بعدها غين معجمة مكسورة ثم تحتية أي أطلبه قال: والأكثر أرقبه وهي أوجه (فتوضأت فقام) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يصلّي فقمت عن يساره فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه فتتامّت) بمثناتين تفاعل وهو لا يجيء إلا لازمًا أي تكاملت (صلاته ثلاث عشرة ركعة ثم اضطجع فنام حتى نفخ وكان) عليه الصلاة والسلام (إذا نام نفخ فآذنه) بالمد أي أعلمه (بلال بالصلاة فصلّى ولم يتوضأ) لأنه تنام عينه ولا ينام قلبه ليعي الوحي إذا أوحي إليه في منامه (وكان يقول في) جملة (دعائه):
(اللهم اجعل في قلبي نورًا) يكشف لي عن المعلومات (وفي بصري نورًا) يكشف المبصرات (وفي سمعي نورًا) مظهرًا للمسموعات (وعن يميني نورًا وعن يساري) ولأبي ذر عن الكشميهني وعن شمالي (نورًا) وخص القلب والبصر والسمع بفي الظرفية لأن القلب مقر الفكرة في آلاء الله والبصر مسارح آيات الله المصونة والأسماع مراسي أنوار وحي الله ومحط آياته المنزلة وخص اليمين والشمال بعن إيذانًا بتجاوز الأنوار عن قلبه وسمعه وبصره إلى من عن يمينه وشماله من أتباعه قاله الطيبي (وفوقي نورًا وتحتي نورًا وأمامي نورًا وخلفي نورًا) ثم أجمل ما فصله بقوله (واجعل لي نورًا) فذلك لذلك وتوكيدًا له، وقد سأل -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النور في أعضائه وجهاته ليزداد في أفعاله وتصرفاته ومتقلباته نورًا على نور فهو دعاء بدوام ذلك، فإنه كان حاصلاً له لا محالة أو هو تعليم لأمته.
وقال الشيخ أكمل الدين: أما النور الذي عن يمينه فهو المؤيد له والمعين على ما يطلبه من النور الذي بين يديه، والذي عن يساره نور الوقاية، والذي خلفه فهو النور الذي يسعى بين يدي من يقتدي به ويتبعه فهو لهم من بين أيديهم وهو له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من خلفه فيتبعونه على بصيرة، كما أن المتبع على بصيرة قال الله تعالى {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن}
[يوسف: 108] وأما النور الذي فوقه فهو تنزل نور إلهي قدسي بعلم غريب لم يتقدمه خبر ولا يعطيه نظر وهو الذي يعطي من العلم بالله ما ترده الأدلة العقلية إذا لم يكن لها إيمان فإن كان لها إيمان نوراني قبلته بتأويل لتجمع بين الأمرين وقوله: واجعل لي نورًا يجوز أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أراد نورًا عظيمًا جامعًا للأنوار كلها يعني التي ذكرها هنا والتي لم يذكرها كأنوار السماء الإِلهية وأنوار الأرواح وغير ذلك. وتحقيق هذا المقام يقتضي بسطًا يخرج عن غرض الاختصار.
(قال كريب): مولى ابن عباس بالسند المذكور (وسبع) من الكلمات أو الأنوار (في التابوت) الصدر الذي هو وعاء القلب تشبيهًا بالتابوت الذي يحرز فيه المتاع أو التابوت الذي كان لبني إسرائيل فيه السكينة أو الصندوق أي سبع مكتوبة عند كريب لم يحفظها ذلك الوقت أو المراد بالتابوت حينئذٍ أن السبعة بجسد الإنسان لا بالمعاني كالجهات الست قال كريب، أو سلمة بن كهيل: (فلقيت رجلاً من ولد العباس) هو عليّ بن عبد الله بن العباس -رضي الله عنهم- (فحدثني بهن فذكر عصبي) بفتح العين والصاد المهملتين ثم موحدة أطناب المفاصل (ولحمي ودمي وشعري وبشري) ظاهر جلده الشريف (وذكر خصلتين) أي العظم والمخ كما قاله السفاقسي والداودي، وقال في الكواكب: لعلهما الشحم والعظم وفي مسلم من طريق عقيل عن سلمة بن كهيل فدعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بتسع عشرة كلمة حدثنيها كريب فحفظت منها عشرًا ونسيت ما بقي فذكر ما في رواية الثوري