عارية مستردة إلى مالك الملوك فمن تسمى بهذا الاسم نازع الله في رداء كبريائه واستنكف أن يكون عبد الله فيكون له الخزي والنكال (قال سفيان) أيضًا (يقول غيره). أي غير أبي الزناد (تفسيره) بالفارسية أي ملك الأملاك (شاهان) لين معجمة مفتوحة فألف فنون ساكنة (شاه) بشين معجمة فألف فهاء ساكنة وليست هاء تأنيث، وعند أحمد قال: سفيان مثل شاهان شاه، وزاد الإسماعيلي من رواية محمد بن الصباح عن سفيان مثل ملك الصين وقد كانت التسمية بذلك كثرت في ذلك الزمان فنبه سفيان على أن الاسم الذي ورد الخبر بذمه لا ينحصر في ملك الأملاك بل كل ما أدى إلى معناه بأي لسان كان فهو مراد بالذم، وزعم بعضهم أن الصواب شاه شاهان بالتقديم والتأخير، وليس كذلك لأن قاعدة العجم تقديم المضاف إليه على المضاف فإذا أرادوا قاضي القضاة بلسانهم؟ قالوا: موبذان موبذ فموبذ هو القاضي وموبذان جمعه، وكذا شاه هو الملك وشاهان هو الملوك، ويؤخذ من الحديث تحريم التسمي بهذا الاسم لورود الوعيد التشديد ويلحق به ما في معناه كأحكم الحاكمين وسلطان السلاطين وأمير الأمراء، وهل يلحق به من تسمى بأقضى القضاة؟ فقال الزمخشري في كشافه عند قوله تعالى: {أحكم الحاكمين} [هود: 45] بالمنع من أن يلقب بأقضى القضاة وتعقبه ابن المنير بحديث "أقضاكم عليّ وقد وجدت التسمية بقاضي القضاة في العصر القديم من عهد أبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وكان الماوردي يلقب بأقضى القضاة مع منعه من تلقيب الملك الذي كان في زمانه بملك الملوك. وقال العيني: يمتنع أن يقال أقضى القضاة لأن معناه أحكم الحاكمين، وهذا أبلغ من قاضي القضاة لأنه أفعل تفضيل قال: ومن جهل أهل زماننا من مسطري سجلات القضاة يكتبون للنائب أقضى القضاة وللقاضي الكبير قاضي القضاة.

115 - باب كُنْيَةِ الْمُشْرِكِ

وَقَالَ مِسْوَرٌ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ».

(باب) حكم (كنية المشرك. وقال مسور): بكسر الميم وسكون السين المهملة ابن مخرمة ومما وصله البخاري في أواخر كتاب النكاح في باب ذب الرجل عن ابنته (سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول)

وهو على المنبر إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن (إلا أن يريد ابن أبي طالب) أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم الحديث. فذكر أبا طالب المشرك بكنيته في غيبته وكان اسمه عبد مناف.

6207 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى أَخِى، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأُسَامَةُ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِى بَنِى حَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَا حَتَّى مَرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ فَإِذَا فِى الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَفِى الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ ابْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ وَقَالَ: لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا الْمَرْءُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِى مَجَالِسِنَا فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا فِى مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْفِضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَىْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ» يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَىْ رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَوَالَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ وَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 186] الآيَةَ وَقَالَ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البقرة: 109] فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَأَوَّلُ فِى الْعَفْوِ عَنْهُمْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَدْرًا فَقَتَلَ اللَّهُ بِهَا مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ، فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ مَنْصُورِينَ غَانِمِينَ مَعَهُمْ أُسَارَى مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ: وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ فَبَايِعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا.

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم قال البخاري: (حدّثنا) ولأبي ذر وحدّثنا بواو العطف على السند السابق

(إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدثني) بالإفراد (أخي) عبد الحميد (عن سليمان) بن بلال (عن محمد بن أبي عتيق) هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق واسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق (عن ابن شهاب) الزهري (عن عروة بن الزبير) بن العوّام (أن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أخبره أن رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركب على حمار عليه قطيفة) كساء (فدكية) بفتح الفاء والدال المهملة وبالكاف والتحتية المشدّدة نسبة لقرية قرب المدينة تسمى فدك ولأبي ذر على قطيفة فدكية (وأسامة) بن زيد (وراءه) حال كونه (يعود سعد بن عبادة في) منازل (بني حارث بن الخزرج) بغير ألف ولام في حارث (قبل وقعة بدر فسارا) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأسامة (حتى مرّا بمجلس فيه عبد الله بن أبي) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد التحتية منوّنة (ابن سلول) برفع ابن صفة لعبد الله لأن سلول أم عبد الله وهي بفتح السين المهملة (وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي) بضم التحتية وسكون السين المهملة أي قبل أن يظهر إسلامه ولم يسلم قط (فإذا في المجلس أخلاط) بالخاء المعجمة الساكنة أنواع (من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان) بالمثلثة وجر عبدة بدلاً مما قبله (واليهود) عطف على عبدة أو على المشركين (وفي المسلمين) ولأبي ذر عن الكشميهني وفي المجلس بدل وفي المسلمين (عبد الله بن رواحة) بفتح الراء والواو المخففة والحاء المهملة الخزرجي الأنصاري الشاعر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015