صلاته وإزاره معقود على قفاه وثيابه موضوعة على المشجب (ليراني أحمق) بالرفع غير منصرف أي جاهل. (مثلك) فينكر عليّ بجهله
فأظهر له جوازه ليقتدي به الجاهل ابتداء، ومثلك بالرفع صفة أحمق لأنها وإن أُضيفت إلى معرفة لا تتعرّف لتوغلها في الإبهام إلاّ إذا أُضيفت لما اشتهر بالمماثلة وهنا ليس كذلك فلذا وقعت صفة للنكرة وهي أحمق. (وأيّنا كان له ثوبان) استفهام يفيد النفي وغرضه أن الفعل كان مقرّرًا (على عهد النبي) وللأصيلي على عهد رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-). وحينئذ فلا ينكر، وقد كان الخلاف في منع جواز الصلاة في الثوب الواحد قديمًا، فعن ابن مسعود قال: لا تصليّ في ثوب واحد وإن كان أوسع مما بين السماء والأرض. ورواه ابن أبي شيبة وعامّة الفقهاء على خلافه.
ورواة هذا الحديث ما بين كوفي ومدني، وفي رواية الأخ عن أخيه وهما عاصم وواقد وتابعي عن تابعي وهما واقد ومحمد بن المنكدر، وفيه التحديث والعنعنة والقول.
353 - حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ.
وبه قال: (حدّثنا مطرف) بضم الميم وفتح الطاء وكسر الراء الهملتين وفي آخره فاء (أبو مصعب) بضم الميم وفتح العين ابن عبد الله بن سليمان الأصم المدني صاحب مالك الإمام (قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي) بفتح الميم على وزن الجواري، وفي الفرع الموالِ بغير ياء (عن محمد بن المنكدر قال)
(رأيت جابر بن عبد الله يصلّي في ثوب واحد. وقال: رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي في ثوب) أي واحد، وهذا أوقع في النفس وأصرح في الرفع من الطريق السابق، وسقط عند الأصيلي لفظ ابن عبد الله.
قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: الْمُلْتَحِفُ الْمُتَوَشِّحُ، وَهْوَ الْمُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ، وَهْوَ الاِشْتِمَالُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ. قَالَ: وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: "الْتَحَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثَوْبٍ وَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ".
(باب) حكم (الصلاة في الثوب الواحد) حال كون الصليّ (ملتحفًا) أي متغطيًا به. (قال) وللأصيلي. وقال (الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (في حديثه) الذي رواه في الالتحاف مما وصله ابن أبي شيبة في مصنفه عنه عن سالم عن ابن عمر، أو المراد وصله أحمد عنه عن أبي هريرة: (الملتحف المتوشّح وهو المخالف بين طرفيه) أي الثوب (على عاتقيه وهو الاشتمال على منكبيه) أي منكبي التوشّح. قال ابن السكّيت: هو أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى، ويأخذ الذي ألقاه على منكبه الأيسر من تحت يده اليمنى ثم يعقد طرفيهما على صدره.
(قال) أي المؤلّف وهذه ساقطة عند أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر. (قالت) وللأربعة وقالت (أُم هانئ) بالنون والهمزة فاختة بنت أبي طالب: (التحف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بثوب وخالف) وللأصيلي في ثوب، ولأبي ذر عن الكشميهني بثوب له وخالف (بين طرفيه على عاتقيه) وصله المؤلّف في هذا الباب لكنه لم يقل فيه وخالد. نعم ثبت في مسلم من وجه آخر عن أبي مرّة عنها، وفائدة هذه المخالفة في الثوب كما قال ابن بطّال أن لا ينظر المصلّي إلى عورة نفسه إذا ركع أو أن لا يسقط عند الركوع والسجود.
354 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ. [الحديث 354 - طرفاه في: 355، 356].
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله) بضم العين (ابن موسى) العبسي مولاهم الكوفي (قال: حدّثنا) وفي رواية ابن عساكر أخبرنا (هشام بن عروة) بن الزبير (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن عمر بن أبي سلمة) بفتح اللام وضمّ العين من عمر، واسم أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي ربيب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأُمه أُم المؤمنين أُم سلمة، ولد بالحبشة في السنة الثانية، المتوفّى بالمدينة سنة ثلاث وثمانين، ووهم مَن قال أنه قتل بوقعة الجمل نعم شهدها وتوفي بالمدينة في خلافة عبد الملك بن مروان، له في البخاري حديثان:
(أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى في ثوب واحد قد خالف بين طرفيه). ورواة هذا الحديث ما بين كوفي ومدني وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي وهو سند عالٍ جدًّا، وله حكم الثلاثيات وإن لم يكن على صورتها لأن أعلى ما يقع للمؤلّف يكون بينه وبين الصحابي فيه اثنان، فإن كان الصحابي يرويه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فصورة الثلاثي وإن كان عن صحابي آخر فلا، لكنه من حيث العلوّ واحد لصدق أن بينه وبين الصحابي اثنين، وبالجملة فهو من العلوّ النسبي.
355 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَدْ أَلْقَى طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن المثنى. قال: حدّثنا يحيى) القطان (قال: حدّثنا هشام)