العيد في شرح العمدة وغيره.

نعم هو نسخ بالنسبة إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه كلف بذلك قطعًا، ثم نسخ بعد أن بلغه وقبل أن يفعل

فالنسخ في حقه صحيح التصوير. (لا يبدل القول) بمساواة ثواب الخمس الخمسين (لديّ) أو لا يبدّل القضاء المبرم لا المعلق الذي يمحو الله منه ما يشاء ويثبت ما يشاء، وأما مراجعته عليه الصلاة والسلام ربه في ذلك فللعلم بأن الأمر الأوّل ليس على وجه القطع والإبرام. قال عليه الصلاة والسلام: (فرجعت إلى موسى فقال: راجع ربك) وللأصيلي ارجع إلى ربك (فقلت) ولأبي ذر قلت (استحييت) وللأصيلي قد استحييت (من ربي) وجه استحيائه أنه لو سأل الرفع بعد الخمس لكان كأنه قد سأل رفع الخمس بعينها، ولا سيما وقد سمع قوله تعالى: {لا يبدّل القول لديّ} [ق: 29].

(ثم انطلق بي) بفتح الطاء واللام وفي بعض النسخ إسقاط بي والاقتصار ثم انطلق (حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى) وللأربعة إلى السدرة المنتهى وهي في أعلى السماوات، وفي مسلم أنها في السادسة، فيحتمل أن أصلها فيها ومعظمها في السابعة، وسمّيت بالمنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحد إلاّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أو لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها أو تنتهي إليها أرواح الشهداء أو أرواح المؤمنين فتصلي عليهم الملائكة المقرّبون، (وغشيها ألوان لا

أدري ما هي ثم أُدخلت الجنة فإذا فيها حبائل اللؤلؤ) بحاء مهملة فموحدة وبعد الألف مثناة تحتية ثم لام كذا هنا في جميع الروايات، وضبب عليها في اليونينية ثم ضرب على التضبيب وصحّح على لفظ حبائل ثلاث مرات. قيل: معناه أن فيها عقودًا وقلائد من اللؤلؤ، وردّ بأن الحبائل إنما تكون جمع حبالة أو حبيلة، وذكر غير واحد من الأئمة أنه تصحيف وإنما هي جنابذ كما عند المؤلّف في أحاديث الأنبياء بالجيم والنون وبعد الألف موحدة ثم معجمة جمع جنبذة وهي القبة، (وإذا ترابها المسك) أي تراب الجنة رائحته كرائحة المسك.

ورواة هذا الحديث الستّة ما بين مصري ومدني وفيه رواية صحابي عن صحابي والتحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف في الحج مختصرًا وفي بدء الخلق وفي الأنبياء وباب وكلم الله موسى تكليمًا، ومسلم في الإيمان، والترمذي في التفسير، والنسائي في الصلاة.

350 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاَةِ الْحَضَرِ. [الحديث 350 - طرفاه في 1090، 3935].

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس إمام الأئمة (عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف (عن عروة بن الزبير) بن العوّام (عن عائشة أُم المؤمنين) رضي الله عنها (قالت):

(فرض الله) أي قدّر الله (الصلاة) الرباعية (حين فرضها) حال كونها (ركعتين ركعتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية لكل صلاة (في الحضر والسفر) زاد ابن إسحاق قال: حدّثني صالح بن كيسان بهذا الإسناد إلاّ المغرب فإنها ثلاث أخرجه أحمد، (فأقرّت صلاة السفر) ركعتين ركعتين (وزيد في صلاة الحضر) لمّا قدِمَ عليه الصلاة والسلام المدينة ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الصبح لطول القراءة فيها وصلاة المغرب لأنها وتر النهار رواه ابنا خزيمة وحبّان والبيهقي، وقد تمسك بظاهره الحنفية على أن القصر في السفر عزيمة لا رخصة، فلا يجوز الإتمام إذ ظاهر قولها أقرّت يقتضيه.

وأُجيب: بأنه على سبيل الاجتهاد، وهو أيضًا معارض بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عند مسلم: فرضت الصلاة في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين. وفيه نظر يأتي إن شاء الله تعالى في أبواب القصر، وبأن عائشة أتمّت في السفر، والعبرة عندهم برأي الصحابي لا بمرويه أن تؤول الزيادة في قولها: وزيد في صلاة الحضر في عدد الصلوات حتى بلغت خمسًا لا في عدد الركعات، ويكون قولها: فرضت الصلاة ركعتين أي قبل الإسراء فإنها كانت قبل الإسراء صلاة قبل المغرب وصلاة قبل طلوع الشمس، ويشهد له قوله تعالى: {وسبّح بحمد ربك بالعشي والإبكار} [غافر: 40] ودليلنا كمالك وأحمد قوله تعالى: {فليس عليكم جُناح أن تقصروا من الصلاة} [النساء: 101] لأن نفي الجناح لا يدلّ على العزيمة، والقصر يُنبئ عن تمام سابق. وقوله عليه

الصلاة والسلام: (صدقة تصدّق الله بها عليكم). رواه مسلم. فالمفروض الأربع إلاّ أنه رخص بأداء ركعتين.

وقال الحنفية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015