(فلم أسمعه من أبي عثمان) النهدي (فنظرت) في كتابي (فوجدته) أي الحديث (عندي مكتوبًا) فيه (فيما سمعت) منه فزال الشك من عندي أي اعتمادًا على خطه وإن لم يتذكر، وهذا هو الراجح في الرواية. قال في فتح الباري فكأنه سمعه من أبي تميمة عن أبي عثمان، ثم لقي أبا عثمان فسمعه منه أو كان سمعه من أبي عثمان فثبته فيه أبو تميمة.

23 - باب حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الإِيمَانِ

هذا (باب) بالتنوين (حسن العهد) وهو كما قال في النهاية الحفاظ ورعاية الحرمة أو حفظ الشيء ومراعاته حالاً بعد حال كما قال الراغب (من الإيمان) أي من كماله.

6004 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ

يَتَزَوَّجَنِى بِثَلاَثِ سِنِينَ لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِى فِى خُلَّتِهَا مِنْهَا.

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني (عبيد بن إسماعيل) الهباري قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: ما غرت) ما نافية (على امرأة ما غرت) موصولة أي الذي غرت (على) أي من (خديجة) رضي الله عنها (ولقد هلكت قبل أن يتزوجني) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بثلاث سنين لما) أي لأجل ما (كنت أسمعه يذكرها) ومن أحب شيئًا أكثر من ذكره (ولقد أمره ربه) عز وجل (أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب) من لؤلؤ مجوّف (وإن كان) مخففة من الثقيلة أي وإنه كان (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقط ما بعد كان لأبي ذر (ليذبح الشاة) بلام التأكيد (ثم يهدي) بضم التحتية (في خلتها منها) أي من الشاة المذبوحة وزاد في فضل خديجة ما يسعهن، ولمسلم ثم يهديها إلى خلائلها وفي الصحاح الخلة الخليل يستوي فيه المذكر والمؤنث لأنه في الأصل مصدر قولك فلان خليل بين الخلة. والحاصل أن ما كان من المصادر اسمًا يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد وغيره، وجوز بعضهم أن يكون هذا من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أي ثم يهدي إلى أهل خلتها.

فإن قلت: ما وجه المطابقة بين الحديث والترجمة؟ أجيب: بأن لفظ الترجمة ورد في حديث عائشة عند الحاكم والبيهقي في الشعب من طريق صالح بن رستم عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: جاءت عجوز إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: كيف أنتم حالكم كيف كنتم بعدنا؟ قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت قلت: يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال فقال: يا عائشة إنها كانت تأتينا زمان خديجة وإن حسن العهد من الإيمان، فاكتفى البخاري بالإشارة على عادته تشحيذًا للأذهان تغمده الله تعالى بالرحمة والرضوان.

24 - باب فَضْلِ مَنْ يَعُولُ يَتِيمًا

(باب فضل من يعولُ يتيمًا) أي يربيه ويقوم بمصالحه من قوت وكسوة وغيرهما.

6005 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِى الْجَنَّةِ هَكَذَا»، وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب) الحجبي البصري (قال: حدثني) بالإفراد (عبد العزيز بن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي (قال: حدثني) بالإفراد أيضًا (أبي) أبو حازم سلمة بن دينار (قال: سمعت سهل بن سعد) الساعدي (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(أنا وكافل اليتيم) القائم بمصالحه (في الجنة هكذا وقال): أي أشار (بإصبعيه) بالتثنية

(السبابة) بالموحدتين بينهما ألف والأولى مشددة ولأبي ذر عن الكشميهني السباحة بالحاء بدل الموحدة الثانية التي يشار بها في تشهد الصلاة وسميت بالسبابة أيضًا لأنه يسب بها الشيطان حينئذٍ (والوسطى) زاد في اللعان وفرج بينهما أي بين السبابة والوسطى قال ابن حجر: وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى وهو نظير قوله "بعثت أنا والساعة كهاتين".

والحديث سبق في الطلاق، وأخرجه أيضًا أبو داود والترمذي.

25 - باب السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ

(باب) فضل (الساعي على الأرملة) بفتح الميم.

6006 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ، وَالْمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ -أَوْ كَالَّذِى يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ».

وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) بن أبي أويس (قال: حدثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن صفوان بن سليم) بضم السين وفتح اللام مولى حميد بن عبد الرحمن المدني التابعي (يرفعه إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-). قال في الكواكب: هذا مرسل لأن صفوان تابعي لكن لما قال يرفعه إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صار مسندًا مجهولاً لأنه لم يذكر شيخه فيها ما للنسيان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015