القرب والاختصاص لا ولاية الدين (إنما وليي الله) بتشديد الياء مضافًا لياء المتكلم المفتوحة (وصالح المؤمنين) من صلح منهم أي من أحسن وعمل صالحًا وقيل من برئ من النفاق، وقيل الصحابة وهو واحد أريد به الجمع كقولك لا تقتل هذا الصالح من الناس تريد الجنس، وقيل أصله صالحو فحذفت الواو من الخط موافقة للفظ. وقال في شرح المشكاة: المعنى لا أوالي أحدًا بالقرابة وإنما أحب الله لما له من الحق الواجب على العباد وأحب صالح المؤمنين لوجه الله وأوالي من أوالي بالإيمان والصلاح سواء كان من ذوي رحمي أم لا، ولكن أراعي لذوي الرحم حقهم بصلة الرحم.
(زاد عنبسة بن عبد الواحد) بفتح العين المهملة والموحدة بينهما نون ساكنة والسين مهملة مفتوحة وهو موثق عندهم وليس له في البخاري إلا هذا الحديث كان يعد من الإبدال (عن بيان) بالموحدة المفتوحة وتخفيف التحتية وبعد الألف نون ابن بشر بالشين المعجمة الأحمسي (عن قيس) هو ابن حازم (عن عمرو بن العاص) -رضي الله عنه- أنه (قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ولكن لهم)
أي لآل أبي (رحم) قرابة (أبلها) بفتح الهمزة وضم الموحدة وتشديد اللام المضمومة (ببلالها). قال في شرح المشكاة فيه مبالغة بما عرف، واشتهر شبه الرحم بأرض إذا بلت بالماء حق بلالها أزهرت وأثمرت ورئي في أثمارها أثر النضارة وأثمرت المحبة والصفاء، وإذا تركت بغير سقي يبست وأجدبت فلم تثمر إلا العداوة والقطيعة (يعني أصلها بصلتها). وهذا التفسير سقط من رواية النسفيّ ولأبي ذر ببلائها بعد اللام ألف همزة.
(قال أبو عبد الله). أي البخاري (ببلاها) أي بغير لام ثانية (كذا وقع وببلالها) أي بإثبات اللام (أجود وأصح وببلاها لا أعرف له وجهًا). قال في الكواكب: يحتمل أن يقال وجهه أن البلا جاء بمعنى المعروف والنعمة، وحيث كان الرحم مصرفها أضيف إليها بهذه الملابسة فكأنه قال: أبلها بمعروفها اللائق بها والله أعلم.
وهذا الحديث أخرجه في الإيمان.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (ليس الواصل) التعريف كما نبه عليه في الكواكب للجنس أي ليس حقيقة الواصل (بالمكافئ) صاحبه بمثل ما فعله إذ ذاك نوع معاوضة.
5991 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقَالَ سُفْيَانُ: لَمْ يَرْفَعْهُ الأَعْمَشُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَرَفَعَهُ حَسَنٌ وَفِطْرٌ - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِى إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة العبدي البصري قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن الأعمش) سليمان بن مهران (والحسن بن عمرو) بفتح الحاء والعين الفقيمي بضم الفاء وفتح القاف (وفطر) بكسر الفاء وسكون الطاء المهملة بعدها راء ابن خليفة الحناط بالحاء المهملة والنون المشددة وبعد الألف طاء مهملة المخزومي مولاهم الثلاثة (عن مجاهد) هو ابن جبر (عن عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاص -رضي الله عنه- (قال سفيان) الثوري بالسند السابق: (لم يرفعه) أي الحديث (الأعمش) سليمان (إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورفعه الحسن وفطر) المذكوران (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال في الفتح: وهذا هو المحفوظ عن الثوري أنه (قال: ليس الواصل بالمكافئ) أي الذي يعطي لغيره نظير ما أعطاه ذلك الغير (ولكن الواصل) بتخفيف نون لكن مصححًا عليه في الفرع (الذي إذا قطعت) بفتحات، ولأبي ذر: قطعت بضم أوّله وكسر ثانيه مبنيًا للمجهول (رحمه وصلها) أي الذي إذا منع أعطى، والحاصل ثلاثة مواصل ومكافئ وقاطع، فالواصل من يتفضل ولا يتفضل عليه والمكافئ الذي لا يزيد في الإعطاء على ما يأخذ والقاطع الذي يتفضل عليه ولا يتفضل.
والحديث أخرجه أبو داود في الزكاة والترمذي في البر.
(باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم) بعد هل يثاب عليه.
5992 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صِلَةٍ وَعَتَاقَةٍ وَصَدَقَةٍ هَلْ لِى فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ قَالَ حَكِيمٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ». وَيُقَالُ أَيْضًا عَنْ أَبِى الْيَمَانِ أَتَحَنَّثُ؟ وَقَالَ مَعْمَرٌ وَصَالِحٌ وَابْنُ الْمُسَافِرِ: أَتَحَنَّثُ؟ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: التَّحَنُّثُ: التَّبَرُّرُ، وَتَابَعَهُمْ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (أن حكيم بن حزام) بكسر الحاء المهملة وفتح الزاي ابن خويلد الأسدي -رضي الله عنه- (أخبره أنه قال: يا رسول الله أرأيت أمورًا)