دع الراحلة تمشي إلى منزلك إذ لم تبق لك حاجة فيما قصدته (قال: كأنه) أي الرجل (كان على راحلته) أو كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- راكبًا على راحلته والرجل آخذ بزمامها فقال له-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد الجواب دع زمام الراحلة.

وهذا الحديث سبق في أول الزكاة.

11 - باب إِثْمِ الْقَاطِعِ

(باب إثم القاطع) للرحم.

5984 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: إِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ».

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكر الحافظ المخزومي مولاهم المصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (أن محمد بن جبير بن مطعم قال: إن) ولأبي ذر أخبره أن (جبير بن مطعم أخبره أنه سمع النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(لا يدخل الجنة قاطع) أي يذكر المفعول فيحتمل العموم، وفي الأدب المفرد عن عبد الله بن صالح (قاطع رحم) فالمراد المستحل للقطيعة بلا سبب ولا شبهة مع علمه بتحريمها أو لا يدخلها مع السابقين.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأدب وأبو داود في الزكاة والترمذي في البر.

12 - باب مَنْ بُسِطَ لَهُ فِى الرِّزْقِ بِصِلَةِ الرَّحِمِ

(باب من بسط) بضم الموحدة وكسر المهملة (له في الرزق بصلة الرحم) أي بسبب صلة الرحم، ولأبي ذر: لصلة الرحم باللام بدل الموحدة أي لأجل صلتها.

5985 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى أَبِى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».

وبه قال: (حدثني) بالإفراد (إبراهيم بن المنذر) الحزامي المدني أحد الأعلام قال: (حدّثنا محمد بن معن) بفتح الميم وسكون العين المهملة بعدها نون الغفاري (قال: حدثني) بالإفراد (أبي) معن بن محمد بن معن بن نضلة الغفاري (عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(من سرّه أن يبسط في رزقه) بضم التحتية وسكون الموحدة وفتح السين المهملة (وأن ينسأ) بضم أوله وسكون ثانيه آخره همزة من النسأ وهو التأخير أي يؤخّر (له في أثره) أي أجله وسمي به لأنه يتبع العمر وأصله من أثر مشيه في الأرض فإن من مات لا يبقى له حركة فلا يبقى لأقدامه في الأرض أثر (فليصل رحمه) يقال: وصل رحمه يصلها وصلاً وصلة كأنه بالإحسان إليهم وصل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة والزيادة في العمر بالبركة فيه بسبب التوفيق في الطاعات وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضياع في غير ذلك، أو المراد بقاء ذكره الجميل بعده كالعلم النافع ينتفع به والصدقة الجارية والولد الصالح فكأنه بسبب ذلك لم يمت ومنه قول الخليل عليه الصلاة والسلام {واجعل لي لسان صدق في الآخرين} [الشعراء: 84].

وفي المعجم الصغير للطبراني عن أبي الدرداء قال: ذكر عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من وصل رحمه أنسئ له في أجله فقال: ليس زيادة في عمره قال الله تعالى: {فإذا جاء أجلهم} [النحل: 61] الآية. ولكن الرجل يكون له الذرية الصالحة يدعون له من بعده أو المراد بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة في اللوح المحفوظ أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد له أربعون سنة، وقد علم الله سبحانه وتعالى بما سيقع من ذلك وهو من معنى قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} [الرعد: 39] فبالنسبة إلى علم الله وما سبق به قدرته لا زيادة بل هي مستحيلة وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة وهو مراد الحديث.

وقال الكلبي والضحاك في الآية: إن الذي يمحوه ويثبته ما يصعد به الحفظة مكتوبًا على بني آدم فيأمر الله فيه أن يثبت ما فيه ثواب وعقاب ويمحي ما لا ثواب فيه ولا عقاب كقوله: أكلت شربت ودخلت ونحوها من الكلام.

وهذا باب واسع المجال لأن علم الله تعالى لا نفاد له ومعلوماته سبحانه لا نهاية لها وكل يوم هو في شأن، ومن ثم كادت أقوال المفسرين فيه لا تحصر قال الإمام: يزيل ما يشاء ويثبت ما يشاء من حكمته ولا يطلع على غيبه أحدًا فهو المنفرد بالحكم والمستقل بالإيجاد والإعدام والإحياء والإماتة والإغناء والإفقار وغير ذلك، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوًّا كبيرًا.

5986 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي المصري اسم أبيه عبد الله ونسبه إلى جده قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015