الجهني (-رضي الله عنه- أنه قال أهدي) بضم الهمزة وكسر الدال المهملة (لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فروج حرير) بالإضافة (فلبسه) لكونه كان حلالاً (ثم صلّى فيه) زاد أحمد من طريق ابن إسحاق وعبد الحميد ثم صلّى فيه المغرب (ثم انصرف) من صلاته بأن سلم بعد فراغه (فنزعه) أي الفروج (نزعًا شديدًا) مخالفًا لعادته في الرفق (كالكاره له) لوقوع تحريمه حينئذٍ (ثم قال):
(لا ينبغي هذا) الحرير (للمتقين) فيتناول اللبس وغيره من الاستعمال كالافتراش والمراد بالإشارة اللبس، وأما المتقين فهم المؤمنون الذين وقوا أنفسهم من الخلود في النار وهذا مقام العموم والناس فيه على درجات ومقام الخصوص مقام الإحسان والمراد هنا الأوّل، وهذه القصة كانت مبدأ تحريم لبس الحرير والراجح أن النساء لا يدخلن في لفظ هذا الحديث ودخولهن بطريق التغليب مجاز يمنع منه ورود الأدلة الصريحة على إباحته لهن وأما الصبيان فلا يحرم عليهم لأنهم لا يوصفون بالتقوى لأنهم غير مكلفين وهذا ما صححه الرافعي في المحرر والنووي في نكته، وصحح الرافعي في شرحيه تحريمه بعد السبع لئلا يعتاده وفي المجموع ولو ضبط بالتمييز على هذا كان حسنًا، وصحح ابن الصلاح تحريمه مطلقًا لظاهر خبر هذان حرام على ذكور أمتي. قال في المجموع: ومحل الخلاف في غير يوم العيد أما فيه فيحل تزيينهم به وبالذهب والفضة قطعًا لأنه يوم زينة وليس على الصبي تعبد وتعبيرهم بالطفل أو الصبي يخرج المجنون وتعليلهم يدخله وفاقًا كما صرح به الغزالي (تابعه) أي تابع قتيبة بن سعيد في روايته عن الليث (عبد الله بن يوسف) التنيسي شيخ المؤلّف (عن الليث) بن سعد الإمام فيما سبق مسندًا في باب من صلّى في فروج حرير ثم نزعه من كتاب الصلاة (وقال غيره) غير عبد الله بن يوسف فيما وصله أحمد عن حجاج بن محمد ومسلم والنسائي عن قتيبة والحارث عن يونس بن محمد المؤدّب كلهم عن الليث بلفظ (فروج حرير) بالتنوين فيهما وحكي ضم الفاء وتخفيف الراء. وقال السفاقسي: والفتح أوجه لأن فعولاً لم يرد إلا في سبوح قدوس وفروخ يعني الفرخ من الدجاج، لكن قال في الفتح: إن الضم يحكى عن أبي العلاء المعري.
وحديث الباب سبق في الصلاة.
(باب البرانس) بفتح الموحدة وكسر النون جمع برنس بضم الموحدة والنون قال في القاموس:
قلنسوة طويلة كان النساء في صدر الإسلام يلبسنها أو كل ثوب رأسه منه.
وبالسند إلى البخاري قال.
5802 - وَقَالَ لِى مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى أَنَسٍ بُرْنُسًا أَصْفَرَ مِنْ خَزٍّ.
(وقال لي مسدد) في المذاكرة وهو موصول لتصريحه بقوله لي: نعم سقطت هذه اللفظة في رواية النسفيّ فيكون معلقًا وقد وصله مسدد في مسنده ورواه معاذ بن المثنى عن مسدد قال: (حدّثنا معتمر) قال: (سمعت أبي) سليمان بن طرخان التيمي (قال: رأيت على أنس) - رضي الله عنه (برنسًا أصفر من خز). بفتح الخاء المعجمة وتشديد الزاي ما غلظ من الديباج وأصله من وبر الأرنب ويقال لذكر الأرنب خزز بوزن عمر. قال في الفتح: قال في القاموس: ومنه اشتق الخز، وقال في الكواكب: هو المنسوج من الإبريسم والصوف، وقال غيره: حرير يخلط بوبر وشبهه، وقال ابن العربي: ما أحد نوعيه السدي أو اللحمة حرير والآخر سواء، وقد لبسه جماعة من الصحابة منهم أبو بكر الصديق وابن عباس والتابعين منهم ابن أبي ليلى وغيره وسئل عنه مالك فقال لا بأس به، وقد كرهه آخرون لكونه يشبه لباس النصارى منهم ابن عمر وسالم وابن جبير.
5803 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلاَ الْعَمَائِمَ وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ الْبَرَانِسَ، وَلاَ الْخِفَافَ، إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلاَ الْوَرْسُ».
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- (أن رجلاً) أي يسم (قال: يا رسول الله ما يلبس) الرجل (المحرم من الثياب؟ قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لا تلبسوا) أيها المحرمون (القمص)، بالجمع (ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس) وفي المطالع حكاية أنها نوع من الطيالسة (ولا الخفاف) بكسر الخاء المعجمة جمع خف وهو معروف ويجمع على أخفاف (إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس خفين وليقطعهما) حتى يكونا (أسفل من الكعبين