(ذكر) بالتنوين صفة لجف وهو وعاء الطلع (تحت رعوفة) ولأبي ذر عن الكشميهني راعوفة بزيادة ألف بعد الراء قال في الفتح وهو كذلك لأكثر الرواة وعكس ابن التين وهو حجر يترك في البئر عند الحفر ثابت لا يستطاع قلعه يقوم عليه المستقي، وقيل حجر على رأس البئر يستقي عليه المستقي، وقيل حجر بارز من طيها يقف عليه المستقي والناظر فيها، وقيل في أسفل البئر يجلس عليه الذي ينظفها لا يمكن قلعه لصلابته (في بئر ذروان. قالت) عائشة -رضي الله عنها- (فأتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البئر حتى استخرجه) وفي رواية ابن نمير قالت: أفلا أخرجته؟ قال: لا. وفي باب السحر من طريق عيسى بن يونس أفلا استخرجته؟ قال: قد عافاني الله. قال ابن بطال فيما ذكره عنه في فتح الباري عن المهلب، وقد اختلف الرواة على هشام في إخراج السحر المذكور فأثبته سفيان وجعل سؤال عائشة عن النشرة ونفاه عيسى بن يونس وجعل سؤالها عن الناس خراج، ولم يذكر الجواب. وصرح به أبو أسامة قال: والنظر يقتضي ترجيح رواية سفيان لتقدمه في الضبط، ويؤيده أن النشرة لم تقع في رواية أبي أسامة والزيادة من سفيان مقبولة لأنه أثبتهم، ولا سيما أنه كرر استخراج السحر في روايته مرتين يعني بالمرة الأولى في قوله قال: فاستخرجه فبعد من الوهم، وزاد ذكر النشرة وجعل جوابه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنها بلا بدلاً عن الاستخراج المنفي في رواية أبي أسامة غير الاستخراج المثبت في رواية سفيان فالمثبت هو استخراج الجف والمنفي استخراج ما حواه. قال: وكأن السر في ذلك أن لا يراه الناس فيتعلمه من أراد السحر انتهى.
وفي حديث عمرة عن عائشة من الزيادة أنه وجد في الطلعة تمثالاً من شمع تمثال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا فيه إبر مغروزة وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة فنزل جبريل بالمعوذتين وكلما قرأ آية انحلّت عقدة وكلما نزع إبرة وجد لها ألمًا ثم يجد بعدها راحة.
(فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعائشة: (هذه البئر التي أريتها) بهمزة مضمومة فراء مكسورة وللكشميهني رأيتها براء فهمزة مفتوحتين (وكأن ماءها نقاعة الحناء) في حمرة لونه، وعند ابن سعد وصححه الحاكم من حديث زيد بن أرقم فوجدوا الماء أخضر (وكأن نخلها) أي نخل البستان الذي هي فيه (رؤوس الشياطين) وفي رواية عمرة عن عائشة فإذا نخلها الذي يشرب من مائها قد التوى سعفه كأنه رؤوس الشياطين أي في قبح منظرها أو الحيات إذ العرب تسمي بعض الحيّات شيطانًا وهو ثعبان قبيح الوجه (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فاستخرج) بضم التاء وكسر الراء من البئر (قالت) عائشة رضي الله عنها (فقلت) له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أفلا أي تنشرت)؟ وسقطت لفظة أي في بعض النسخ والنشرة الرقية التي يحل بها عقد الرجل عن مباشرة امرأته (فقال: أما) بالتخفيف (والله) جرّ بواو القسم ولابن عساكر وأبوي الوقت وذر: أمّا والله بتشديد الميم وحذف الواو والرفع (فقد
شفاني) أي من ذلك السحر (وكره أن أُثير على أحد من الناس شرًّا).
50 - باب السِّحْرِ
(باب السحر) ولم يذكر هذا الباب وترجمه عند بعضهم. قال في الفتح: وهو الصواب لأن الترجمة بعينها قد تقدمت قبل بابين ولا يعهد ذلك للبخاري إلا نادرًا عند بعضهم.
5766 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ عِنْدِى دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ ثُمَّ قَالَ: «أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ»؟ قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «جَاءَنِى رَجُلاَنِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ الْيَهُودِىُّ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ قَالَ: فِيمَا ذَا؟ قَالَ: فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِى بِئْرِ ذِى أَرْوَانَ». قَالَ: فَذَهَبَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْبِئْرِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ قَالَ: «لاَ أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِى اللَّهُ وَشَفَانِى وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا» وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (عبيد بن إسماعيل) بضم العين من غير إضافة لشيء الهباري قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها (قالت: سحر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى أنه ليخيل إليه) أي يظهر له من نشاطه وسابق عادته (أنه يفعل الشيء) وللكشميهني فعل الشيء بلفظ الماضي (وما فعله) أي جامع نساءه وما جامعهن فإذا دنا منهن أخذه السحر فلم يتمكن من ذلك وإلى هنا اختصر الحموي وزاد الكشميهني والمستملي (حتى إذا كان ذات يوم) وفي الرواية السابقة أو ذات ليلة بالشك قال في الفتح: والشك من عيسى بن يونس راويه هناك قال: هذا من نوادر ما وقع في البخاري بأن يخرج